أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج ١ - الصفحة ٢٥٨
يا معشر الأزد! عليكم أمكم * فإنها صلاتكم وصومكم والحرمة العظمى التي تعمكم ويقول الآخر: هذه أمكم نصرها دين، وخذلانها عقوق.
وكانت الأزد تأخذ بعر جملها، وتفته وتشمه وتقول: بعر جمل أمنا ريحه ريح المسك، وهذا ما لم يفعله أحد مع رسول الله نفسه!
ومن طواعية الناس لها: أن جملها كان لواء أهل البصرة، ليس لهم لواء دونه، فلم يؤثر في الجيش نكوص الزبير، ومقتل طلحة، وسقوط عبد الله بن الزبير، بل كانت الحرب قائمة ما زال رأس جملها معتدلا، فلما عقر انهزم الرجال، وفروا.
وأما مقدرتها السياسية فمن أجلى مظاهرها جمعها شتات ذلك الجيش المتنافر الذي يقتل بعضه بعضا، وقد ظهرت آثار الشحناء والفرقة بينهم منذ انفصالهم عن مكة، فقد أراد مروان أن يضرب الجيش بعضه ببعض فأذن وجاء ووقف على طلحة والزبير وقال: على أيكما أسلم بالامرة وأؤذن بالصلاة، فقال ابن الزبير: على أبي، وقال ابن طلحة، على أبي، وتنافروا فبلغ أم المؤمنين الخبر، فتداركت الامر وأرسلت إلى مروان تقول له: مالك؟ أتريد أن تفرق أمرنا!؟ ليصل ابن أختي. وكذلك فعلت لما تنافس الشيخان على الصلاة في البصرة بعد غلبتهما عليها وتدافعا فإنها تداركت الامر مرة أخرى وأصلحت بينهما وعينت ابن أختها للصلاة على أن يكون الامر إلى عائشة إن ظهروا، تستخلف من شاءت.
إذن فهي ليست بأميرة جيش الجمل فحسب. وإنما هي أميرة المؤمنين تستخلف على المسلمين من تشاء وتحكم لمن تشاء وعلى من تشاء.
أما رباطة جأشها فلم نجد لها في ربات الخدور من نظير، تأمر بقتل الأسارى عندما ملكت البصرة في بادئ أمرها فيذبح العشرات منهم ذبح الغنم، وتباشر الحرب في هودجها آمرة ناهية، فتطيح حولها الرؤوس عن الكواهل، والأمعاء تندلق من الأجواف، والأيدي تقطع من المعاصم، وهي
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»