فوجدناها في هذه الحرب تجمع الناس على حرب علي بعدما بويع بالخلافة باسم الطلب بثأر عثمان، وتؤمر على جيشها أشد المؤلبين على عثمان (طلحة والزبير) من بعد بيعتهما لعلي. وعلي ينادي في خطبه ويقول: بايعني طلحة والزبير ثم ما لبثا أن أستأذناني إلى العمرة، فسارا إلى البصرة فقاتلا فيها المسلمين وفعلا بها الأفاعيل، ونكثا بيعتي، وألبا عدوي. ويقول لهما: إنكما بايعتماني، ونكثتما بيعتي، وزعمتما أني قتلت عثمان، فبيني وبينكما من تخلف عني وعنكما من أهل المدينة، ثم يلزم كل امرئ ما احتمل.
يقول هذا وأمثال هذا في كل مجتمع ويتبرأ من دم عثمان، والناس يصدقون التهمة عليه، وذلك لمكانة أم المؤمنين في النفوس. على أن براءة علي من دم عثمان وتبعة طلحة والزبير وعائشة في دم عثمان كانتا معروفتين يوم ذاك.
فقد قال ابن سيرين: ما علمت أن عليا أتهم بدم عثمان حتى بويع، فلما بويع اتهمه الناس (291).
وقال أبو الأسود لطلحة والزبير: إنكما وعائشة كنتم أشد الناس عليه وأعظمهم إغراء بدمه فأقيدوا من أنفسكم، وأما إعادة الخلافة شورى فكيف وقد بايعتم عليا طائعين غير مكرهين.
وقال عمار لعائشة:
....... * ومنك الرياح ومنك المطر وأنت أمرت بقتل الامام *......
وجاء عبد الله بن حكيم بكتب كانا كتابها إليه، فقال لطلحة: يا أبا محمد! أما هذه كتبك إلينا؟ قال: بلى! قال فكتبت أمس تدعونا إلى خلع عثمان وقتله حتى إذا قتله أتيتنا ثائرا بدمه؟!
وقال سعيد بن العاص الأموي لمروان بعد خروج الجيش من مكة: أين تذهبون وثأركم على أعجاز الإبل؟! - يقصد بهم عائشة وطلحة والزبير