اقتلوهم ثم ارجعوا إلى منازلكم! ولذلك لما التحم الجيشان في البصرة رمى مروان طلحة بسهم فقتله.
وإنما تمكنت من تجهيز جيش لجب لمقاتلة علي البرئ من دم عثمان باسم الطلب بدم عثمان لمكانتها في النفوس، وطواعية الناس لها، ومقدرتها السياسية والخطابية، وإدراكها ما يؤثر في النفوس.
وأما مقدرتها الخطابية بلاغتها في المحاورات فمن مواردها جوابها لام سلمة عندما أحرجتها أم سلمة بخطابها الطويل تلومها فيه على خروجها، فقالت عائشة في جوابها: " لنعم المطلع مطلعا أصلحت فيه بين فئتين متناجزتين ". وليت شعري أين كان التناجز لو جلست هي في بيتها ولم تتجشم الأهوال لإقامة الحرب على علي؟! وأين كانت الفئتان المتناجزتان لو لم توجدهما هي بخروجها إلى البصرة؟!
ومنها قولها لأهل البصرة في المربد عندما اختلفوا بعد خطاب طلحة والزبير " قتلتموه بعد توبته.. " وهي في هذا القول كما قالت القائلة: رمتني بدائها وانسلت. فمن قتل عثمان إن لم يكن بنو تيم ألبوا عليه وجلبوا حتى قتلوه؟!
وتفصح بعد هذا عن مكنون خاطرها حين تقول: " وبايعتم ابن أبي طالب بغير مشورة من الجماعة ابتزازا وغصبا.. ألا وإن عثمان قتل مظلوما فاطلبوا قتلته، فإذا ظفرتم بهم فاقتلوهم، ثم اجعلوا الامر شورى بين الرهط الذين اختارهم عمر، ولا يدخل فيهم من شرك في دم عثمان.. ".
إنها بقولها هذا فسخت بيعة علي وأبطلتها، ثم أعادت الامر شورى بين من اختارهم عمر على شرط أن لا يكون ممن شرك في دم عثمان.
وإذا عرفنا أن الباقين من أهل الشورى يومذاك هم: طلحة والزبير، وهما بريئان من دم عثمان في رأيها! وعلي وهو المتهم به عندها! وسعد، وليس بالعسير إشراكه في التهمة إذا اقتضى الامر ذلك، على أنه إن قدر له ان يجتمع مع طلحة والزبير في الشورى، فهو واحد في مقابل اثنين. إذا عرفنا هذا عرفنا