سنن النبي (ص) - السيد الطباطبائي - الصفحة ٦٢
بل إمحاء الآثار السيئة التي كان يستتبعها الظلم على النفس في مجرى الحياة، فقد كان موسى (عليه السلام) يخاف أن يفشو أمره ويظهر ما هو ذنب له عندهم، فسأله تعالى أن يستر عليه ويغفره، والمغفرة في عرف القرآن أعم من إمحاء العقاب بل هي إمحاء الأثر السئ كائنا ما كان، ولا ريب أن أمر الجميع بيد الله سبحانه.
ونظير هذا من وجه قول نوح (عليه السلام) فيما تقدم من دعائه " وإن لم تغفر لي وترحمني " أي وإن لم تؤدبني بأدبك، ولم تعصمني بعصمتك ووقايتك وترحمني بذلك أكن من الخاسرين، فافهم ذلك.
ومنه دعاؤه (عليه السلام) أول ما القي إليه الوحي وبعث بالرسالة إلى قومه على ما حكاه الله، قال تعالى: " قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * وأحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري * كي نسبحك كثيرا * ونذكرك كثيرا * إنك كنت بنا بصيرا " (1).
ينصح (عليه السلام) لما بعث لها من الدعوة الدينية ويذكر لربه - على ما يفيده الكلام بإعانة من المقام - إنك كنت بصيرا بحالي أنا وأخي، أنا منذ نشأنا نحب تسبيحك، وقد حملتني الليلة ثقل الرسالة وفي نفسي من الحدة وفي لساني من العقدة ما أنت أعلم به، وإني أخاف أن يكذبوني إن دعوتهم إليك وبلغتهم رسالتك، فيضيق صدري ولا ينطلق لساني، فاشرح لي صدري، ويسر لي أمري، وهذا رفع التحرج الذي ذكره الله بقوله: " ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل " (2) وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، وأخي هارون أفصح مني لسانا وهو من أهلي فأشركه في هذا الأمر واجعله وزيرا لي، كي نسبحك - كما كنا نحبه - كثيرا ونذكرك عند ملأ الناس بالتعاضد كثيرا، فهذا محصل ما سأله (عليه السلام) ربه من أسباب الدعوة والتبليغ. والأدب الذي استعمل فيه أن ذكر غايته وغرضه من أسئلته لئلا يوهم كلامه أنه يسأل ما يسأل لنفسه فقال: " كي نسبحك كثيرا *

(١) طه: ٢٥ - ٣٥.
(٢) الأحزاب: ٣٨.
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 5
2 مقدمة ثانية 33
3 كلام في معنى الأدب 35
4 مقدمة العلامة الطباطبائي (قدس سره) 92
5 الباب الأول: في شمائله وجوامع أخلاقه (صلى الله عليه وآله) (49 حديثا) 95
6 الباب الثاني: في معاشرته (صلى الله عليه وآله) مع الناس (36 حديثا) 115
7 الملحقات (106 أحاديث) 126
8 الباب الثالث: في النظافة وأحكام الزينة (34 حديثا) 145
9 الملحقات (21 حديثا) 153
10 الباب الرابع: في السفر وآدابه (11 حديثا) 159
11 الملحقات (22 حديثا) 165
12 الباب الخامس: في آداب اللباس وما يتعلق به (18 حديثا) 171
13 الملحقات (16 حديثا) 179
14 الباب السادس: سننه (صلى الله عليه وآله) في المساكن (5 أحاديث) 183
15 الملحقات (16 حديثا) 187
16 الباب السابع: في آداب النوم والفراش (3 أحاديث) 191
17 الملحقات (10 أحاديث) 195
18 الباب الثامن: في آداب النكاح والأولاد (9 أحاديث) 199
19 الملحقات (32 حديثا) 203
20 الباب التاسع: في الأطعمة والأشربة وآداب المائدة (52 حديثا) 211
21 الملحقات (48 حديثا) 225
22 الباب العاشر: في آداب الخلوة ولواحقها (9 أحاديث) 233
23 الملحقات (7 أحاديث) 239
24 الباب الحادي عشر: في الأموات وما يتعلق بها (11 حديثا) 243
25 الملحقات (22 حديثا) 249
26 الباب الثاني عشر: في آداب المداواة (3 أحاديث) 255
27 الملحقات (11 حديثا) 259
28 الباب الثالث عشر: في السواك (7 أحاديث) 263
29 الملحقات (5 أحاديث) 267
30 الباب الرابع عشر: في آداب الوضوء (8 أحاديث) 269
31 الملحقات (6 أحاديث) 275
32 الباب الخامس عشر: في آداب الغسل (6 أحاديث) 279
33 الملحقات (3 أحاديث) 283
34 الباب السادس عشر: في آداب الصلاة (60 حديثا) 285
35 الملحقات (74 حديثا) 303
36 الباب السابع عشر: في آداب الصوم (17 حديثا) 317
37 الملحقات (17 حديثا) 323
38 الباب الثامن عشر: في آداب الاعتكاف (3 أحاديث) 327
39 الباب التاسع عشر: في الصدقة (3 أحاديث) 331
40 الملحقات (6 أحاديث) 335
41 الباب العشرون: في قراءة القرآن (8 أحاديث) 339
42 الملحقات (15 حديثا) 345
43 الباب الحادي والعشرون: في الدعاء وآدابه (59 حديثا) 349
44 الملحقات (52 حديثا) 371
45 ملحقات في الحج (12 حديثا) 391
46 ملحقات في النوادر (18 حديثا) 395
47 ملحقات باب الشمائل (81 حديثا) 399