الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٣٤٦
الخاصة، ويرى مخالفة ذلك من المنكر الذي يجب النهي عنه، فلم يردعه عما مضى فيه قول عثمان: مالك وذلك؟ لا أم لك.
ومن قوله لمعاوية لما بنى الخضراء، إن كانت هذه الدار من مال الله؟ فهي الخيانة وإن كانت من مالك؟ فهذا الإسراف فأبو ذر هاهنا يجوز أن يكون المال مقسوما إلى مال الله وإلى ما يخص للانسان نفسه، فيرتب على الأول الخيانة، وعلى الثاني السرف، ولم ينقم على معاوية نفس تصرفه في المال وإنما نقم عليه أحد الأمرين الخيانة أو الإسراف، ولو كان ملغيا للملكية لكان الواجب عليه أن ينتقد منه أصل تصرفه في تلكم الأموال.
وتراه يسمي مال المسلمين من الفئ والصدقات والغنائم مال الله، وقد روى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله أيضا لعثمان حيث قال له: أشهد إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
إذا بلغ بنوا أبي العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا وعباده خولا، ودينه دخلا وصدقه في حديثه مولانا أمير المؤمنين عليه السلام.
وهذه التسمية لم تكن قصرا على عهد أبي ذر ومعاوية وإنما كانت دارة قبله وبعده، هذا عمر بن الخطاب وقوله لأبي هريرة لما قدم من البحرين: يا عدو الله وعدو كتابه! أسرقت مال الله؟ قال: لست بعدو الله ولا بعدو كتابه، ولكني عدو من عاداهما ولم أسرق مال الله (1).
وقال الأحنف بن قيس: كنا جلوسا بباب عمر فخرجت جارية فقلنا: هذه سرية عمر فقالت: إنها ليست بسرية عمر إنها لا تحل لعمر، إنها من مال الله. قال: فتذاكرنا بيننا ما يحل له من مال الله قال: فرقي ذلك إليه فأرسل إلينا فقال: ما كنتم تذاكرون؟
فقلنا: خرجت علينا جارية فقلنا: هذه سرية عمر. فقالت: إنها ليست بسرية عمر إنها لا تحل لعمر، إنها من مال الله؟ فتذاكرنا بيننا ما يحل لك من مال الله. فقال: ألا أخبركم بما استحل من مال الله؟ حلتين حلة الشتاء والقيظ (2).
وقال عمر: لا يترخصن أحدكم في البرذعة أو الحبل أو القتب فإن ذلك للمسلمين

(1) الأموال لأبي عبيد ص 269، راجع ما أسلفناه في ج 6 ص 254 ط 1 و 271 ط 2.
(2) الأموال لأبي عبيد ص 268.
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»