الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٣٤٣
أبو ذر والاشتراكية لقد عرفت كل ما في كنانة الأولين من نبال مرشوقة إلى العبد الصالح شبيه عيسى في أمة محمد صلى الله عليه وآله فهلم هاهنا إلى رجرجة الآخرين من مقلدة الدور الأخير الخابطين خبط عشواء، الذين رموا أبا ذر وأجله بالاشتراكية تارة وبالشيوعية أخرى.
هل أحاط علما هؤلاء الأغرار بمبادئ الشيوعية التعيشة، ومواد الاشتراك الذي هو بمقربة من رديفته المبغوضة؟
وهل أتيح لهم عرفان مغازي أبي ذر المصلح العظيم فيما قال ودعا إليه؟ حتى طفقوا يوفقوا بين المبدأين.
لا أحسب إنهم عرفوا شيئا من تلكم المغازي وإنهم في ظني الغالب بهم شيوعية خونة يديفون السم في الدسم، ويسرون حسوا في ارتغاء، اتخذوا ما قالوه بل تقولوه أكبر دعاية إلى تلكم المبادئ الهدامة لأسس المدنية والحضارة، المضادة لناموس الطبيعة، فضلا عن حدود الاسلام، بجعل مثل أبي ذر العظيم شيوعيا أو اشتراكيا، وقد صافقه على ما هتف به ونقم على من ناوءه وآذاه من القوم جل الصحابة إن لم نقل كلهم ممن يعبأ به وبرأيه، واستاءوا لما نكب به من جراء ذلك الهتاف وفي مقدمهم مولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام وابناه الإمامان إن قاما وإن قعدا، وعمار الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله: إن عمارا مع الحق والحق معه يدور عمار مع الحق أينما دار (1) إلى كثيرين وافقوا هؤلاء على النقمة والاستياء، فلم يكن أبو ذر شاذا في رأيه، ولا أنهي إلينا إنه خالفه أحد من الصحابة فدونك صحايف التاريخ وزبر الحديث.
نعم: خالفه الذين يريدون أن يخضموا مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع، وكانوا يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقون منها ما يجب عليهم إنفاقه، ويحرمون الأمة عن أعطياتهم وما ينمو منها، ويريدون للضعفاء أن يرزحوا تحت نير الاضطهاد، ويرسفوا

(1) سيوافيك في محله في الجزء التاسع بإذن الله تعالى.
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»