وثانيهما: توزيعها المال بين الأفراد لكل على حسب حاجته، ويستخدم من كل على حسب قدرته، فيكلف العامل بالعمل على قدر استطاعته، ويدر عليه المعاش بما يسد حاجته.
فعلينا هاهنا أن نعيد ذكر ما هتف به أبو ذر في شتى مواقفه، وما رواه عن رسول الله صلى الله عليه وآله في باب الأموال، وما قال في حقه عظماء الصحابة في الاطراء له والدفاع عنه بعد هتافه بما هتف، وما يؤثر فيه عن رسول الله صلى الله عليه وآله من الثناء الجميل وعهده إليه بما ينتابه من النكبات فنظر إليها نظرة مستشف للحقيقة فنرى هل ينطبق شئ منها على مواد (الشيوعية والاشتراكية)؟ أو ينحسر عنه ذلك الإفك المفترى داحرا إلى حضيض البهت والافتراء؟.
إن من قول أبي ذر لعثمان: ويحك يا عثمان! أما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله ورأيت أبا بكر وعمر؟ هل رأيت هذا هديهم؟ إنك لتبطش بي بطش الجبار.
ومن قوله له أيضا: اتبع سنة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام. قال عثمان:
مالك وذلك؟ لا أم لك. قال أبو ذر: والله ما وجدت لي عذرا إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
تجد أبا ذر هاهنا يلفت نظر عثمان إلى عهد الرسالة ثم إلى عهد الشيخين ويدعوه إلى اتباع تلكم السير، ومن جلية الحال عند هاتيك الأدوار الثلاثة إطراد الملكية الخاصة، ووجود أهل اليسار من الملاكين، والتجار، وحريتهم في ثروتي الانتاج والاستهلاك، واختصاص كل مالية من نقود أو عقار أو ضياع أو مصانع أو أطعمة بأربابها ومن النواميس المسلمة عند نبي الاسلام صلى الله عليه وآله إنه لا يحل مال امرء إلا بطيب نفسه (1) وفي الذكر الحكيم: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض، فتجده يعزو الأموال إلى أربابها ويحرم أكلها بالباطل إلا أن تستباح بتجارة شرعية تستتبع رضا المالك الخاص، وهناك آيات كريمة كثيرة تربو على خمسين آية لم يعدها عزو الأموال إلى مالكيها تقدم شطر منها في صفحة 340.
فأبو ذر في هذا الموقف يدعو إلى ضد الدعوة الاشتراكية الملغية للملكية