نظرة في الكلمات الواردة في إطراء أبي ذر هل تلائم ما اتهم به؟
أما ثناء الصحابة عليه بعد نفيه ودؤبه على ما هتف به فحسبك من ذلك قول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: إنك غضبت لله فارج من غضبت له، إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك. إلى آخر ما مر في صفحة 300.
صدرت هذه الكلمة الذهبية من الإمام عليه السلام في منصرم ما صعد به أبو ذر وصوب فليس له بعد هذا إلا طفائف سمعها منه من زاره بالمنفى الربذة فلم يكن لها شأن كبير، وفي الكلمة صراحة بأن غضب أبي ذر كان لله فعليه أن يرجو من عضب له، وهو فرع رضا الله سبحانه على ما ناء به ودعا إليه، وإن ما لهج به مما أغضب القوم كانت كلمة دينية محضة تجاه الدنيوية المحضة التي خافها أبو ذر على دينه وخافها القوم على دنياهم، فامتحنوه بالقلى ونفوه إلى الفلا، وإن هو الرابح غدا، وإنما القوم حاسدوه، وأي من هذه تلتئم مع الشيوعية التي هي مادية محضة ليس بينهما وبين مرضاة الله تعالى أي صلة؟.
أتحسب إن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام أطرى أبا ذر بهذا الإطراء البالغ ويقول في كلمته الأخرى لعثمان: إتق الله سيرت رجلا صالحا من المسلمين فهلك في تسييرك فيراه صالحا ويرى هلاكه في ذلك التسيير حوبا لا يصدر من المتقي، إنه أطراه وهو غير مستشف لنظريته؟ ولا عارف بنفسيته؟ وهو كروحه التي بين جنبيه، أو أنه يوافقه على المذهب الشيوعي؟ أو أنه يراغم أعداءه مع حيطته بباطله؟ وقد قال لعثمان " وهو الصادق الأمين ": والله ما أردت مساءت ولا الخلاف عليك ولكن أردت به قضاء حقه.
وأي حق للشيوعي متحري الفساد في الجامعة وباخش حقوق الأمة؟ وإنما الحق للمؤمن الكامل في نفسه، المحق في دعاءه، الصالح في رأيه.
وهناك ما هو أصرح من ذلك في كون أبي ذر محقا وإن نظرية من خالفه من الباطل المحض وهو قول الإمام في ذيل كلمته في توديع أبي ذر! يا أبا ذر! لا يؤنسنك إلا