لما اعتمر فاستأذن ربه أن يستغفر لها فنزلت هذه الآية، رواه الحاكم وابن أبي حاتم عن ابن مسعود، والطبراني عن ابن عباس وفي ذلك دلالة على تأخر نزول الآية عن وفاة أبي طالب والأصل عدم تكرار النزول.
قال الأميني: هلا كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلم إلى يوم تبوك بعد تلكم الآيات النازلة التي أسلفناها في ص 10 - 12، أنه غير مسوغ له وللمؤمنين الاستغفار للمشركين والشفاعة لهم؟ فجاء يستأذن ربه أن يستغفر لأمه ويشفعها، أو كان يحسب أن لأمه حسابا آخر دون ساير البشر؟ أو أن الرواية مختلقة تمس كرامة النبي الأقدس، وتدنس ذيل قداسة أمه الطاهرة عن الشرك.
(منها): ما أخرجه الطبري في تفسيره 11: 31 عن قتادة قال: ذكر لنا إن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا نبي الله! إن من آبائنا من كان يحسن الجوار، ويصل الرحم، ويفك العاني، ويوفي بالذمم، أفلا نستغفر لهم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والله لأستغفرن لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه فأنزل الله: ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم ثم عذر الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال: وما كان استغفار إبراهيم لأبيه. إلى قوله: تبرأ منه.
وأخرج الطبري من طريق عطية العوفي عن ابن عباس قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يستغفر لأبيه فنهاه الله عن ذلك بقوله: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين: الآية. قال: فإن إبراهيم قد استغفر لأبيه فنزلت: وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة. الآية. الدر المنثور 3: 283.
وفي هاتين الروايتين نص على أن نزول الآية الكريمة في أبيه وآباء رجال من أصحابه صلى الله عليه وآله لا في عمه ولا في أمه.
(ومنها): ما جاء به الطبري في تفسيره 11: 33 قال: قال آخرون: الاستغفار في هذا الموضع بمعنى الصلاة. ثم أخرج من طريق المثنى عن عطاء بن أبي رباح قال:
ما كنت أدع الصلاة على أحد من أهل هذه القبلة ولو كانت حبشية حبلى من الزنا، لأني لم أسمع الله يحجب الصلاة إلا عن المشركين يقول الله: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين. الآية.