عليه ويعيدانه بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما تكلم: على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك. فأنزل الله: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين. وأنزل الله في أبي طالب فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء.
وفي مرسلة الطبري: فنزلت: ما كان للنبي: الآية. ونزلت: إنك لا تهدي من أحببت وأخرجه مسلم في صحيحه من طريق سعيد بن المسيب، وتبع الشيخين جل المفسرين لحسن ظنهم بهما وبالصحيحين.
(مواقع النظر في هذه الرواية) 1 - إن سعيد الذي إنفرد بنقل هذه الرواية كان ممن ينصب العداء لأمير المؤمنين علي عليه السلام فلا يحتج بما يقوله أو يتقوله فيه وفي أبيه وفي آله وذويه، فإن الوقيعة فيهم أشهى مأكلة له، قال ابن أبي الحديد في الشرح 1: 370: وكان سعيد بن المسيب منحرفا عنه عليه السلام، وجبهه عمر بن علي عليه السلام في وجهه بكلام شديد، روى عبد الرحمن بن الأسود عن أبي داود الهمداني قال: شهدت سعيد بن المسيب وأقبل عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له سعيد: يا ابن أخي! ما أراك تكثر غشيان مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ كما يفعل إخوتك وبنو أعمامك، فقال عمر: يا ابن المسيب! أكلما دخلت المسجد أجيئ فأشهدك؟ فقال سعيد: ما أحب أن تغضب سمعت أباك يقول: إن لي من الله مقاما لهو خير لبني عبد المطلب مما على الأرض من شئ. فقال عمر: وأنا سمعت أبي يقول: ما كلمة حكمة في قلب منافق فيخرج من الدنيا إلا يتكلم بها. فقال سعيد: يا ابن أخي! جعلتني منافقا؟ قال: هو ما أقول لك. ثم انصرف.
وأخرج الواقدي من أن سعيد بن المسيب مر بجنازة السجاد علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ولم يصل عليها فقيل له: ألا تصل على هذا الرجل الصالح من أهل البيت الصالحين؟ فقال: صلاة ركعتين أحب إلي من الصلاة على الرجل الصالح.
ويعرفك سعيد بن المسيب ومبلغه من الحيطة في دين الله ما ذكره ابن حزم في المحلى 4: 214 عن قتادة قال: قلت لسعد: أنصلي خلف الحجاج؟ قال إنا لنصلي خلف من هو شر منه.