الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ١٦
في صحيحة مرت من عدة طرق في ص 13 من أن آية الاستغفار نزلت بعد ما أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله من غزوة تبوك وكانت في سنة تسع فأين من هذه كلها نزولها عند وفاة أبي طالب أو بعدها بأيام؟ وأنى يصح ما جاء به البخاري ومن يشاكله في رواية البواطيل 6 - إن سياق الآية الكريمة - آية الاستغفار - سياق نفي لا نهي فلا نص فيها على أن رسول الله صلى الله عليه وآله استغفر فنهى عنه، وإنما يلتئم مع استغفاره لعلمه بإيمان عمه، وبما أن في الحضور كان من لا يعرف ذلك من ظاهر حال أبي طالب الذي كان يماشي به قريشا فقالوا في ذلك أو اتخذوه مدركا لجواز الاستغفار للمشركين كما ربما احتجوا بفعل إبراهيم عليه السلام فأنزل الله سبحانه الآية وما بعدها من قوله تعالى: وما كان استغفار إبراهيم. الآية. تنزيها للنبي صلى الله عليه وآله وتعذيرا لإبراهيم عليه السلام، وإيعازا إلى أن من استغفر له النبي صلى الله عليه وآله لم يكن مشركا كما حسبوه، وأن مرتبة النبوة تأبى عن الاستغفار للمشركين، فنفس صدوره منه صلى الله عليه وآله برهنة كافية على أن أبا طالب لم يكن مشركا، وقد عرفت ذلك أفذاذ من الأمة فلم يحتجوا بعمل النبي صلى الله عليه وآله لاستغفارهم لآبائهم المشركين، وإنما اقتصروا في الاحتجاج بعمل إبراهيم عليه السلام كما مر في صحيحة عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام قال: سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ قال أو لم يستغفر إبراهيم. الحديث راجع صفحة 12 من هذا الجزء.
ولو كان يعرف هذا الرجل أبا طالب مشركا لكان الاستدلال لتبرير عمله باستغفار نبي الاسلام له - ولم يكن يخفى على أي أحد - أولى من استغفار إبراهيم لأبيه لكنه اقتصر على ما استدل به.
7 إنا على تقدير التسليم لرواية البخاري وغض الطرف عما سبق عن العباس من أن أبا طالب لهج بالشهادتين، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الحمد لله الذي هداك يا عم! وما مر عن مولانا أمير المؤمنين من أنه ما مات حتى أعطى رسول الله من نفسه الرضا، وما مر من قوله صلى الله عليه وآله: كل الخير أرجو من ربي " لأبي طالب " وما مر من وصية أبي طالب عند الوفاة لقريش وبني عبد المطلب بإطاعة محمد صلى الله عليه وآله واتباعه والتسليم لأمره وإن فيه الرشد والفلاح، وإنه صلى الله عليه وآله الأمين في قريش والصديق في العرب.
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»