الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ١٠
2 - إن ظاهر رواية البخاري كغيرها. تعاقب نزول الآيتين عند وفاة أبي طالب عليه السلام كما أن صريح ما ورد في كل واحدة من الآيتين نزولها عند ذاك ولا يصح ذلك لأن الآية الثانية منهما مكية والأولى مدنية نزلت بعد الفتح بالاتفاق وهي في سورة البراءة المدنية التي هي آخر ما نزل من القرآن (1) فبين نزول الآيتين ما يقرب من عشر سنين أو يربو عليها.
3 - إن آية الاستغفار نزلت بالمدينة بعد موت أبي طالب بعدة سنين تربو على ثمانية أعوام، فهل كان النبي صلى الله عليه وآله خلال هذه المدة يستغفر لأبي طالب عليه السلام أخذا بقوله صلى الله عليه وآله: والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك؟ وكيف كان يستغفر له؟ وكان هو صلى الله عليه وآله والمؤمنون ممنوعين عن موادة المشركين والمنافقين وموالاتهم والاستغفار لهم - الذي هو من أظهر مصاديق الموادة والتحابب - منذ دهر طويل بقوله تعالى:
لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخرة يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم، أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيديهم بروح منه. الآية.
هذه آية 22 من سورة المجادلة المدنية النازلة قبل سورة البراءة التي فيها آية الاستغفار بسبع سور كما في الاتقان 1: 17، وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وأبو نعيم والبيهقي وابن كثير كما في تفسيره 4: 329، وتفسير الشوكاني 5: 189، وتفسير الآلوسي 28: 37: إن هذه الآية نزلت يوم بدر وكانت في السنة الثانية من الهجرة الشريفة، أو نزلت على ما في بعض التفاسير في أحد وكانت في السنة الثالثة باتفاق الجمهور كما قاله الحلبي في السيرة، فعلى هذه كلها نزلت هذه الآية قبل آية الاستغفار بعدة سنين.
وبقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا.

(١) صحيح البخاري ٧: ٦٧ في آخر سورة النساء، الكشاف ٢: ٤٩، تفسير القرطبي ٨: ٢٧٣، الاتقان 1: 17، تفسير الشوكاني 3: 316 نقلا عن ابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن الضريس وابن المنذر والنحاس وأبي الشيخ وابن مردويه عن طريق البراء بن عازب
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»