الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ١٩٦
إن مسألة الحد أيضا من تلكم الفروع، فكأنه لم يلتفت إلى قوله تعالى: ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان، فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب. الآية (1).
أو أن الآية الكريمة كانت نصب عينيه لكن لم يسعه فهم حقيقتها لأن قيد ذاكرته إن حد المحصنات هو الرجم، غير إنه لم يتسن له تعرف أن الرجم لا يتبعض، فالذي يمكن تنصيفه من العذاب هو الجلد، فالآية الشريفة دالة بذلك على سقوط الرجم عن المحصنات من الإماء وإنما عليهن نصف الجلد الثابت عليها في السنة الشريفة (2).
وأخرج أحمد في مسنده 1: 136 من طريق أبي جميلة عن علي عليه السلام قال:
أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمة له سوداء زنت لأجلدها الحد قال: فوجدتها في دمائها فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فقال لي: إذا تعالت من نفاسها فاجلدها خمسين.
وذكره ابن كثير في تفسيره 1: 476 وفيه: إذا تعافت من نفاسها فاجلدها خمسين. و ذكره الشوكاني في نيل الأوطار 7: 292 باللفظ المذكور. وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وصححه وليس في لفظهم " خمسين ".
هب أن الخليفة نسيها لبعد العهد لكنه هل نسي ما وقع بمطلع الأكمة منه على العهد العمري؟ من جلده المحصنات من الإماء خمسين جلدة كما أخرجه الحافظ (3) أو أن الخليفة وقف على مغازي الآيات الكريمة، ولم تذهب عليه السنة النبوية، وكان على ذكر مما صدر على عهد عمر لكن أربكه حكم العبد لأنه رأى الآية الكريمة نصا في الإماء، وكذلك نصوص الأحاديث، ولم يهتد إلى اتحاد الملاك بين العبيد والإماء

(١) سورة النساء آية: ٢٥.
(٢) صحيح البخاري ١٠: ٤٨، صحيح مسلم ٢: ٣٧، سنن أبي داود ٢: ٢٣٩، سنن ابن ماجة ٢: ١١٩، سنن البيهقي ٨: ٣٤٢، موطأ مالك ٢: ١٧٠، كتاب الأم للشافعي ٦:
١٢١، تفسير القرطبي ١٢: ١٥٩.
(٣) موطأ مالك ٢: ١٧٠، سنن البيهقي ٨: ٢٤٢، تفسير ابن كثير ١: ٦ ٤٧، كنز العمال ٣: ٨٦.
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»