أما حديث أبي قتادة قال: انطلقت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فأحرم أصحابي ولم أحرم فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم وكنت مع أصحابي فجعل بعضهم يضحك إلى بعض فنظرت فإذا حمار وحش فحملت عليه فطعنته فأثبته فاستعنت بهم فأبوا أن يعينوني فأكلنا منه، فلحقت برسول الله وقلت: يا رسول الله! إني أصبت حمار وحش ومعي منه فاضلة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم للقوم: كلوا. وهم محرمون (1).
فهو غير واف بالمقصود لأن قصته كانت عام الحديبية السادس من الهجرة كما هو صريح لفظه وكثير من أحكام الحج شرعت في عام حجة الوداع السنة العاشرة ومنها تعيين المواقيت ولذلك ما كان أبو قتادة محرما عند ذا، مع إحرام رسول الله وإحرام أصحابه. قال ابن حجر في فتح الباري 4: 19: قيل كانت: هذه القصة قبل أن يوقت النبي المواقيت. وقال السندي في شرح سنن النسائي 5: 185 عند ذكر حديث أبي قتادة: قوله " عام الحديبية " بهذا تبين أن تركه الاحرام ومجاوزته الميقات بلا إحرام كان قبل أن تقرر المواقيت، فإن تقرير المواقيت كان سنة حج الوداع كما روي عن أحمد.
ومنها أحكام الصيد النازلة في سورة المائدة التي هي آخر ما نزل من القرآن، و روي عن النبي صلى الله عليه وآله: إنه قرأها في حجة الوداع وقال: يا أيها الناس إن سورة المائدة آخر ما نزل فأحلوا حلالها وحرموا حرامها. وروي نحوه عن عائشة موقوفا وصححه الحاكم وأقره ابن كثير، وأخرجه أبو عبيد من طريق ضمرة بن حبيب، وعطية بن قيس مرفوعا (2).
فليس من البدع أن يكون غير واحد من مواضيع الحج لم يشرع لها حكم في عام الحديبية ثم شرع بعده ومنها هذه المسألة، وكان مولانا أمير المؤمنين عليه السلام حاضرا في عام الحديبية وقد شاهد قصة أبي قتادة كما شاهد ها غيره " على فرض صحتها " ومع ذلك أنكر على عثمان وكذلك الشهود الذين استنشدهم صلوات الله عليه فشهدوا له - 14 -