الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ١٦٩
قال الأميني: يعني من آية المائدة قوله تعالى: وكتبنا عليهم فيها إن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص الآية: 45. وقد خفي على المجتهد في تجاه النصوص الصحيحة الثابتة أن عموم الآية لا يأباها عن التخصيص، وقد خصصها هو نفسه بمخصصات، أجاب عن هذا الاستدلال الواهي كثير من الفقهاء وفي مقدمهم الإمام الشافعي قال في كتاب الأم 7: 295 في مناظرة وقعت بينه وبين بعض أصحاب أبي حنيفة: قلنا: فلسنا نريد أن نحتج عليك بأكثر من قولك إن هذه الآية عامة، فزعمت أن فيها خمسة أحكام مفردة وحكما سادسا جامعا فخالفت جميع الأربعة الأحكام التي بعد الحكم الأول و الحكم الخامس والسادس جماعتها في موضعين: في الحر يقتل العبد. والرجل يقتل المرأة. فزعمت أن عينه ليس بعينها ولا عين العبد، ولا أنفه بأنفها ولا أنف العبد، ولا أذنه بأذنها ولا أذن العبد، ولا سنه بسنها ولا سن العبد، ولا جروحه كلها بجروحها ولا جروح العبد، وقد بدأت أولا بالذي زعمت أنك أخذت به فخالفته في بعض ووافقته في بعض، فزعمت أن الرجل يقتل عبده فلا تقتله به، ويقتل ابنه فلا تقتله به، ويقتل المستأمن فلا تقتله به، وكل هذه نفوس محرمة.
قال " يعني المدافع عن أبي حنيفة ": اتبعت في هذا أثرا. قلنا: فتخالف الأثر الكتاب؟ قال: لا قلنا: فالكتاب إذا على غير ما تأولت؟ فلم فرقت بين أحكام الله عز وجل على ما تأولت؟ قال بعض من حضره: دع هذا فهو يلزمه كله.
قال: والآية الأخرى: قال الله عز وجل: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل (1) دلالة على أن من قتل مظلوما فلوليه أن يقتل قاتله.
قيل له: فيعاد عليك ذلك الكلام بعينه في الابن يقتله أبوه، والعبد يقتله سيده، و المستأمن يقتله المسلم.
قال: فلي من كل هذه مخرج. قلت: فاذكر مخرجك. قال: إن الله تبارك و تعالى لما جعل الدم إلى الولي كان الأب وليا فلم يكن له أن يقتل نفسه. قلنا: أفرأيت إن كان له ابن بالغ أتخرج الأب من الولاية وتجعل للابن أن يقتله؟ قال: لا أفعل.

(1) سورة الإسراء، آية: 33
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»