الغدير - الشيخ الأميني - ج ٦ - الصفحة ١٤٢
فشكوا ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال عمر لابن مسعود: ما يقول هؤلاء؟ قال: قد فعلت ذلك. قال: أو رأيت ذلك؟ قال: نعم. فقال: نعم ما رأيت. فقالوا: أتيناه نستأذنه فإذا هو يسأله (1).
نعم: للقارئ أن يفرق بين ما نحن فيه وبين تلكم المواقف التي حكم فيها بالتعزير بأن الحكم هناك قد دار مدار اللحاف ولم يكن لحاف على المغيرة وأم جميل في فحشائهما:
والقول بمثل هذه الخزاية أهون من تلكم الكلم التي توجد في الدفاع عن الخليفة حول هذه القضية ولدتها.
هذا مغيرة وهذا إلى أمثالها بوائقه، وكان يعرف بها في إسلامه وقبله، وقد أتى أمير المؤمنين عليه السلام عندما تولى الخلافة يظهر بزعمه النصح له بإقرار معاوية في ولايته على الشام ردحا ثم يفعل به ما أراد، وبما أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن ممن يداهن ويجامل أعداء الله في أمر الدين ولا يؤثر الدهاء على حكم الشريعة، وكان يرى أن مفاسد إبقاء معاوية على الأمر لا تكافئ مصلحة إغفاله عن المقاومة، فإنه غير صالح لتولي أمر المسلمين فيومه لدة سنته، وساعته كمثل عمره في الفساد، رفض ذلك الرأي المغيري، ولم يكن بالذي يتخذ المضلين عضدا فبهض ذلك المغيرة فولى عنه منشدا:
نصحت عليا في ابن هند نصيحة * فردت فلم اسمع لها الدهر ثانيه وقلت له: أوجز عليه بعهده * وبالأمر حتى يستقر معاويه وتعلم أهل الشام أن قد ملكته * وأن أذنه صارت لأمرك واعيه فتحكم فيه ما تريد فإنه * لداهية فارفق به أي داهيه فلم يقبل النصح الذي قد نصحته * وكانت له تلك النصيحة كافيه (2) وأجاب عنها العلامة الأوردبادي بقوله:
أتيت إمام المسلمين بغدرة * فلم تلف نفسا منه للغدر صاغيه وأسمعته إدا من القول لم يصخ * له إذ رأى منه الخيانة باديه

(١) أخرجه الطبراني والهيثمي في مجمع الزوائد ٦ ص ٢٧٠ وقال: رجاله رجال الصحيح.
(٢) مروج الذهب ٢: ١٦، تاريخ الطبري ٥: ١٦٠، تاريخ ابن كثير ٨: ١٢٨، الاستيعاب ١: ٢٥١، تاريخ أبي الفدا ج 1: 172.
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»