رجل أرجو أن لا يرجم رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على يده ولا يخزى بشهادته (1) أو بقوله: إني لأرى غلاما كيسا لا يقول إلا حقا ولم يكن ليكتمني شيئا (2) أو بقوله:
إني أرى غلاما كيسا لن يشهد إن شاء الله إلا بحق (3) وهو يوعز إلى أن الذين تقدموه أغرار شهدوا بالباطل، وعلى أي فقد استشعر زياد ميل الخليفة إلى درأ الحد عن المغيرة فأتى بجمل لا تقصر عن الشهادة، ولكنه تلجلج عن صراح الحقيقة لما انتهى إليه، و كيف يصدق في ذلك؟ وقد رأى استاها مكشوفة، وخصيتين مترددتين بين فخذي أم جميل، وقدمين مخضوبتين مرفوعتين، وسمع خفزانا شديدا ونفسا عاليا، ورآه متبطنا لها، وهل تجد في هذا الحد مساغا لأن يكون الميل في خارج المكحلة؟ أو أن يكون قضيب المغيرة جامحا عن فرج أم جميل؟.
نعم كان في القضية تأول واجتهاد أدى إلى أهمية درأ الحد في المورد خاصة، وإن كان الخليفة نفسه جازما بصدق الخزاية كما يعرب عنه قوله للمغيرة: والله ما أظن أبا بكرة كذب عليك، وما رأيتك إلا خفت أن أرمى بالحجارة من السماء. قاله لما وافقت أم جميل عمر بالموسم والمغيرة هناك فسأله عنها فقال: هذه أم كلثوم بنت علي فقال عمر:
أتتجاهل علي؟ والله ما أظن. إلخ. (4) وليت شعري لماذا كان عمر يخاف أن يرمى بالحجارة من السماء؟ ألرده الحد حقا؟ وحاشا الله أن يرمي مقيم الحق، أو لتعطيله الحكم؟ أو لجلده مثل أبي بكرة الذي عدوه من خيار الصحابة وكان من العبادة كالنصل؟ أنا لا أدري.
وكانت علي أمير المؤمنين عليه السلام يصافق عمر على ما ظن أو جزم به فخاف أن يرمى بالحجارة، وينم عن ذلك قوله عليه السلام: لئن لم ينته المغيرة لأتبعنه أحجاره. أو قوله: لئن أخذت المغيرة لأتبعنه أحجاره (5).
وقد هجاه حسان بن ثابت في هذه القصة بقوله: