ووصي وخليفتي فيكم - أو من بعدي - فاسمعوا له وأطيعوا ".
وهو حديث ثابت لا شك فيه، فهل تجد عبارة هي أصرح من هذه العبارة للنص على الخليفة والإمام؟
ولو قرأنا نص أبي بكر على خليفته لم نر إلا عبارة " إني أمرت عليكم عمر بن الخطاب ". وهذه لا تشبه تلك في صراحتها ولا تقاس عليها في قياس، فأين صراحة الإمارة من صراحة الخلافة؟ والإمارة تكون في الجيش وتكون في كل شئ، والخلافة لفظ كان يجري على لسان النبي والمسلمين ولا يراد منه إلا هذا المعنى فعندما تسمع قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنى عشر خليفة كلهم من قريش " لا نشك في المراد بكلمة (خليفة) كما لا نشك في كلمة قريش. فلماذا لا نفهم من كلمة (خليفتي) هذا المعنى؟ وهل استعملها في يوم من الأيام في معنى آخر؟
والفرق بين نص النبي ونص أبي بكر أن أبا بكر لم يحدث بعده ما يأخذ بالأعناق إلى التأويل والتشكيك، لأنه قد عمل به وانتهى كل شئ. أما نص النبي فقد بقي قولا في صدور الرجال وصحائف الكتب ولم يعمل به، فسلبت صراحته وأدخل عليه التأويل احتياطا في حمل الصحابة على أحسن الأعمال. ولئن درئ الطعن عنهم فلا يجلون عن الخطأ، وما هو بعزيز على مثلهم.