منه لمصلحة المسلمين، ليرد سجاح عن غزوهم في تلك الأصقاع النائية عن مركز المسلمين. وكان الذي أراد.
وإن كانت تلك الموادعة ذنبا، فقد أظهر هو وقومه التوبة بعد ذلك، كما صنع وكيع وسماعة، وهما وادعا سجاح أيضا، وقبل المسلمون المحاربون توبتهما.
وهذا أبو بكر يدي مالكا إذ قتله خالد بن الوليد وخلا بزوجته ليلة قتله، فهل تفسر بهذا آية الانقلاب؟.
ولا ذنب لمالك - إذ عد من أهل الردة - إلا أن قاتله بطل المسلمين يومئذ وقائدهم. وحقيق عليهم أن يدافعوا عن فعلته ويبرروا عمله. فليكن مالك مرتدا يستحق القتل! وما يهمنا أن نشين مالكا بما يستحق وبما لا يستحق، ما دامت كرامة خالد محفوظة مصونة من النقد!.
عمر بن الخطاب يريد أن يؤخذ خالد بقتله لمالك ونزوه على زوجته وأبو بكر يعتذر عنه (أنه اجتهد فأخطأ). وما الخطأ على المجتهدين بعزيز. وهذا من أوليات أبي بكر، إذ يجعل الاجتهاد عذرا للمخالفة الصريحة للقانون الإسلامي.
وأبو بكر لم يقل لمتمم أخي مالك أنه ارتد فقتل بل قال له: ما دعوته وما قتلته، لما قال له متمم من أبيات:
أدعوته بالله ثم قتلته * لو هو دعاك بذمة لم يغدر