جيشه، وقد قال صلى الله عليه وآله - فيما أورده الشهرستاني في المقدمة الرابعة من كتاب الملل والنحل - " جهزوا جيش أسامة لعن الله من تخلف عنه " (55).
وقد تعلم أنهم إنما تثاقلوا عن السير أولا، وتخلفوا عن الجيش أخيرا، ليحكموا قواعد ساستهم، ويقيموا عمدها ترجيحا منهم لذلك على التعبد بالنص حيث رأوه أولى بالمحافظة، وأحق بالرعاية، إذ لا يفوت البعث بتثاقلهم عن السير، ولا بتخلف من تخلف منهم عن الجيش، أما الخلافة فإنها تنصرف عنهم لا محالة إذا انصرفوا إلى الغزوة قبل وفاته صلى الله عليه وآله.
وكان - بأبي وأمي - أراد أن تخلو منهم العاصمة فيصفو الأمر من بعده لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب على سكون وطمأنينة، فإذا رجعوا وقد أبرم عهد الخلافة وأحكم لعلي عقدها، كانوا عن المنازعة والخلاف أبعد.
وإنما أمر عليهم أسامة وهو ابن سبع عشرة سنة (56) ليا لاعنة البعض وردا لجماح أهل الجماح منهم، واحتياطا من الأمن في المستقبل من نزاع أهل التنافس لو أمر أحدهم كما لا يخفى لكنهم فطنوا إلى ما دبر صلى الله عليه وآله، فطعنوا