في الجواب على ما فصلناه في كلمتنا " فلسفة الميثاق والولاية " (1) إذ صرح الحق ثمة عن محضه، وبين الصبح ولله الحمد لذي عينين. ولنرجع إلى ما كنا فيه فنقول: لم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله بعد نصه في الدار يوم الإنذار (917) ويؤهل عليا لمقامه في الأمة بعده، يدلل على ذلك بطرق له مختلفة في وضوح الدلالة قوة وضعفا، حتى مرض مرض الموت، وسجي على فراشه في حجرته الشريفة والحجرة غاصة بأصحابه فقال: " أيها الناس يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي، وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم، ألا إني مخلف، فيكم كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي " ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال: " هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يتفرقان حتى يردا علي الحوض.. " (الحديث) (918).
وحسبك في أمر الولاية " وحرصه صلى الله عليه وآله على تبليغها " أنه لما نعيت إليه نفسه ودنا منه أجله، أذن في الناس بالحج (وما ينطق عن الهوى) فكانت حجة الوداع أواخر حياته صلى الله عليه وآله، وقد خرج فيها من المدينة بتسعين ألفا وقيل أكثر - كما في السيرة الحلبية والدحلانية وغيرهما - (919) غير الذين وافوه في الطريق وفي عرفة، فلما كان يوم الموقف أهاب بالحجاج يوصيهم بوصاياه ووصايا