النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٥٣٩
إني لأذكره يوما فأحسبه * أوفى البرية عند الله ميزانا (849) أما ورب الكعبة، وباعث النبيين، لقد وقفت هنا وقفة المدهوش، وقمت مقام المذعور، وما كنت أحسب أن الأمر يبلغ هذه الغاية.
وقد باح العلامة ابن خلدون، بسرها المكنون، حيث قال - في الفصل الذي عقده لعلم الفقه وما يتبعه من مقدمته الشهيرة بعد ذكر مذاهب أهل السنة ما هذا لفظه: وشذ أهل أهل البيت بمذاهب ابتدعوها، وفقه انفردوا به، بنوه على مذهبهم في تناول بعض الصحابة (850) بالقدح، وعلى قولهم بعصمة الأئمة ورفع الخلاف عن أقوالهم، (قال) وهي كلها أصول واهية (1) (قال): وشذ

(٨٤٩) الغدير ج ١ / ٣٢٤ و ج ٥ / ٢٩٤، الاستيعاب بهامش الإصابة ج ٣ / ٦٢.
وعمران بن حطان صاحب هذين البيتين رأس الخوارج وشاعرهم وهذين البيتين يدلان على خبثه بل كفر قائلهما. ومع هذا وثقه العجلي وجعله البخاري من رجال صحيحه وأخرج عنه الأحاديث. وقد رد على هذين البيتين جملة من الشعراء.
راجع: الاستيعاب بهامش الإصابة ج ٣ / ٦٢ - ٦٣، الغدير ج ١ / ٣٢٤ - ٣٢٨ و ج ٥ / ٢٩٤، العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل لمحمد بن عقيل ط بيروت، أضواء على السنة المحمدية ص ٣١٢.
(٨٥٠) ما أدري كيف تبنى المذاهب الفقهية على تناول بعض الصحابة بالقدح، وما عرفت كيف تستنبط الأحكام الشرعية الفرعية من تناول أحد من الناس، وابن خلدون يعد من الفلاسفة، فما هذا الهذيان منه يا أولي الألباب (منه قدس).
الشيعة لا يقولون بعصمة كل الصحابة ولا عدالتهم كلهم بل فيهم المنافق والفاسق وفيهم المؤمن التقي. راجع ما تقدم تحت رقم (٨٠٧ - ٨٢٣) وكتاب أضواء على السنة المحمدية لأبي رية فصل عدالة الصحابة ص ٣٣٩ ط ٥.
(١) إن أصحابنا - الإمامية - أثبتوا في كتبهم الكلامية عصمة أئمتهم بالأدلة العقلية والنقلية، والمقام لا يسع بيانها، ولو تصدينا لها لخرجنا عن موضوع هذه الرسالة وحسبك دليلا على عصمتهم كونهم بمنزلة الكتاب الذي لا يأتيه الباطل، وكونهم أمان هذه الأمة من الاختلاف فإذا خالفتهم قبيلة من العرب كانت حزب إبليس، وكونهم سفينة النجاة، وباب حطة هذه الأمة، وكونهم النافين عن هذا الدين تحريف الضالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين (منه قدس).
(٥٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 ... » »»