وقد قال الله تعالى فيما أمر به نساء النبي صلى الله عليه وآله في محكمات الكتاب من سورة الأحزاب: ﴿وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله﴾ (634)، لكن السيدة خرجت على الإمام بعد انعقاد البيعة له، وإجماع أهل الحل والعقد عليه، وكان أول من بايعه طلحة والزبير من السابقين الأولين إلى ذلك (635).
خرجت هذا الخروج من بيتها الذي أمرها الله أن تقر فيه، وكان خروجها على قعود من الإبل، تقود ثلاثة آلاف من طغام الناس، وأوباش العرب، وفيهم - بكل أسف - طلحة والزبير، وقد نكثا البيعة، فكانت تعلو بجيشها الجبال، وتهبط الأودية، وتجوب الفيافي وتقطع المفاوز والقفار، حتى أتت البصرة وعليها من قبل أمير المؤمنين عثمان بن حنيف الأنصاري، ففتحها بعد تلك الدماء المسفوكة، والحرمات المهتوكة، وكان ما كان مما لم يكن في الحسبان من فظائع وفجائع فصلها أهل السير والأخبار، وتعرف هذه الواقعة عندهم بوقعة الجمل الأصغر، وكان لخمس بقين من ربيع الثاني سنة ست وثلاثين للهجرة، وذلك قبل مجئ علي عليه السلام إلى البصرة (636).
ثم لما أتى إلى البصرة بمن معه نهدت إليه عائشة بمن معها تذوده عنها،