النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٣٥
وفخامة المعاني وسموها، وشرف الأهداف، وإعلان الحق بكل صراحة - الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله - مع الدعوة إليه بكل ترغيب فيه، وكل ثناء عليه. حي على الصلاة حي على الفلاح، حي على خير العمل، لا تأخذ الداعي لومة لائم ولا سطوة مخالف غاشم.
تلك دعوة حية - كما قال عنها بعض الأعلام - كأنما تجد الاصغاء والتلبية من عالم الحياة بأسرها، وكأنما يبدأ الانسان في الصلاة من ساعة مسراها إلى سمعه، ويتصل بعالم الغيب من ساعة إصغائه إليها.
دعوة تلتقي فيها الأرض والسماء، ويمتزج فيها خشوع المخلوق بعظمة الخالق، وتعيد الحقيقة الأبدية إلى الخواطر البشرية في كل موعد من مواعيد الصلاة، كأنها نبأ جديد.
الله أكبر الله أكبر - لا إله إلا الله لا إله إلا الله -.
تلك هي دعوة الأذان التي يدعو بها المسلمون إلى الصلاة، وتلك هي الدعوة الحية التي تنطق بالحقيقة الخالدة ولا تومي إليها، وتلك هي الحقيقة البسيطة غاية البساطة، العجيبة غاية العجب، لأنها أغنى الحقائق عن التكرار في الأبد الأبيد، وأحوج الحقائق إلى التكرار بين شواغل الدنيا وعوارض الفناء.
المسلم في صلاة منذ يسمعها تدعوه للصلاة، لأنه يذكر بها عظمة الله، وهي لب لباب الصلوات.
وتنفرج عنها هدأة الليل فكأنها ظاهرة من ظواهر الطبعية الحية تلبيها الأسماع والأرواح وينصت لها الطير والشجر، ويخف لها الماء والهواء، وتبرز الدنيا كلها بروز التأمين والاستجابة منذ تسمع هتفة الداعي الذي يهتف
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»