إذ قال يجمع شملا غير مجتمع * منها ويجبر كسرا غير منجبر - (خامسها) أن الشيخين - البخاري ومسلما - قد أهملا هذه الرؤية بالمرة فلم يخرجاها في صحيحيهما أصلا، لا عن ابن زيد، ولا عن ابن الخطاب، ولا عن غيرهما، وما ذاك إلا لعدم ثبوتها عندهما. نعم أخرجا في باب بدء الأذان من صحيحيهما عن ابن عمر، قال: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوما في ذلك.
فقال بعضهم اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقا مثل بوق اليهود. فقال عمر: ألا تبعثون رجلا ينادي للصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال قم فناد الصلاة. فنادى بالصلاة. ا ه (321).
هذا كل ما في صحيحي البخاري ومسلم مما يتعلق ببدء الأذان ومشروعيته وقد اتفق الشيخان على إخراجه كما اتفقا على إهمال ما عداه مما يتعلق بهذا الموضوع، وكفى به معارضا لما رووه من أحاديث الرؤيا كلها، لأن مقتضى هذا الحديث أن بدء الأذان إنما كان برأي عمر لا برؤياه، ولا برؤيا عبد الله بن زيد ولا غيرهما، ومقتضى تلك أن بدئه وبدء الإقامة إنما كان بالرؤيا التي سبق فيها عبد الله بن زيد، عمر بن الخطاب: ولذلك يدعى عندهم برائي الأذان وربما قالوا صاحب الأذان.
وأيضا فإن حديث الشيخين هذا صريح في أن النبي صلى الله عليه وآله إنما أمر بلالا - بالنداء للصلاة - في مجلس التشاور، وعمر حاضر عند صدور الأمر منه صلى الله عليه وآله، وتلك الأحاديث أحاديث الرؤيا كلها - صريحة بأنه صلى الله عليه وآله إنما أمر بلالا بالنداء عند الفجر إذ قص ابن زيد عليه رؤياه، وذلك