النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ١٠٦
وكان قاتلهم إمام الحق (145) وكانوا في بقية شؤونهم كما أخبر عنهم، يقتلون أهل الإيمان، ويدعون عبدة الأوثان، ويتشددون في الدين في غير موضع التشدد، يقرأون القرآن لا يتجاوز تراقيهم. لأن قلوبهم غلف قد ران عليها مروقهم من الدين، فلا ينفذ إليها شئ من نور القرآن يبالغون في الصلاة والصيام لكنهم لا يقيمون حقوق الإسلام، لمروقهم منه غير متأثرين بشئ من هداه، مروق السهم من الرمية، يسبق الفرث والدم.
وقد ظهرت للناظرين آيتهم الخاصة بهم، رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة تدردر كما أخبر صلى الله عليه وآله، وقد تضمنت أخباره عن هذه المارقة بقاء الأمة بعده، وبقاء الشوكة والطول لها، على خلاف ما أرجف المرجفون، وكل ذلك علم بالغيب، والله تعالى (لا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) (2).
ولنختم ما عنينا به من شؤون هذه المارقة بحديث أخرجه الطبراني في الأوسط (3) عن جندب (4).

(١٤٥) كما أخبر به إذ قال صلى الله عليه وآله " يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق " وقال في حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي سعيد: " يقتلهم أولى الطائفتين بالحق " (منه قدس).
(٢) سورة الجن آية: ٢٦ و ٢٧.
الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام طبق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله من أمر الخوارج:
راجع صحيح مسلم ك الزكاة ب ٤٧ ج ٢ / ٧٤٥ و ٧٤٦، كنز العمال ج ١١ / ٣١٠ و ٣١٤ ذخائر العقبى ص ١١٠.
(3) كما في ص 71 من الجزء السادس من كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال وهو الحديث 1179 (منه قدس).
(4) هو جندب بن زهير بن الحارث بن كثير بن سبع بن مالك الأزدي الغامدي كان من أصحاب أمير المؤمنين وخاصة أوليائه، وقد ذكره ابن حجر العسقلاني في القسم الأول من إصابته. على أن في صحبته لرسول الله صلى الله عليه وآله خلافا، لكنه لا كلام في كونه من كبار التابعين ورؤسائهم وزهادهم شهد مع أمير المؤمنين حروبه أيام الجمل وصفين والنهروان وكان في صفين على الرجالة. وعن أبي دريد في أماليه بسنده إلى أبي عبيدة عن يونس قال: كان عبد الله بن الزبير اصطفنا يوم الجمل فخرج علينا صالح فقال: يا معشر فتيان قريش أحذركم رجلين جندب ابن زهير والأشتر، فإنكم لا تقومون لسيوفهما قلت:
جندب بن زهير هذا غير جندب الذي قتل الساحر بين يدي الوليد بن عقبة، فإن قاتل الساحر جندب بن كعب العبدي قتل بصفين مع علي عليه السلام نص على ذلك الزبير بن بكار في كتابه الموفقيات، وهو المنقول عن ابن الكلبي وغيره (منه قدس).
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»