ليقوموا بانجاحهم.
وبالجملة، حقوق ذلك المنبع للكمالات، والمعدن للخيرات، كثيرة على أهل الدين بل على قاطبة سكان الأرضين، وبقيت آثاره ومؤلفاته إلى يوم القيامة تجرى إلى روحه الشريف بركاتها، وتصل إليه فوائدها ومثوباتها.
وكل مؤلفاته الشريفة على ما وقع عليه التخمين تبلغ ألف ألف بيت وأربعة آلاف بيت وكسرا، ولما حاسبناه بتمام عمره المكرم، جعل قسط كل يوم ثلاث وخمسين وكسر، وقد قرء هذا الحقير عليه الأحاديث، وكتب لي بخطه الشريف في سنة خمس وثمانين وألف إجازة رواية مؤلفاته، وساير ما أجيز له، وصرح فيه ببلوغي درجة الاجتهاد، وكنت يومئذ في حدود سبع وعشرين سنة، وحقوقه على غير متناهية فقد كان له على حقوق الأبوة والتربية والارشاد والهداية.
ولقد كنت في حداثة سنى حريصا على فنون الحكمة والمعقول صارفا جميع الهمة دون تحصيلها وتشييدها إلى أن شرفني الله بصحبته الشريفة، في طريق الحج فارتبطت بجنابه واهتديت بنور هدايته، وأخذت في تتبع كتب الفقه والحديث وعلوم الدين وصرفت في خدمته أربعين سنة من بقية عمري متمتعا بفيوضاته مشاهدا آثار كراماته واستجابة دعواته، ولم أر في هذه المدة، بحسن طويته، وخلوص نيته وصفاء سجيته، شكر الله حقوقه على أهل الايمان، وأسكنه أعلى غرف الجنان.
وقال رحمه الله في مناقب الفضلا بعد ذكر نبذة من مؤلفات شيخه وجده: و أشرفها بل أشرف الكتب المؤلفة في طريق الامامية، كتاب بحار الأنوار، فلعمري لم يؤلف إلى الآن كتاب جامع مثله، فإنه مع اشتماله على الأخبار وضبطها وتصحيحها، محتو على فوايد غير محصورة، وتحقيقات متكثرة ولم يوجد مسألة إلا وفيها أدلتها، و مباديها، وتحقيقها، وتنقيحها، مذكورة على الوجه الأليق فشكر الله سعيه، و أعظم أجره.
قلت: بل لا تكاد تجد آية ولا خبرا في الأصول والفروع والقصص والمكارم وغيرها إلا وله فيه بيان وتوضيح وتحقيق ومن ذلك يعرف التأمل فيما نقل عنه، طاب