الأدوات من الآفاق، واعتنوا بترويجهم، ونشر آثارهم، واهتموا بتزيينهم، و تعلية منارهم.
وسمعت والدي عن جدي رحمة الله عليهما، أنه لما تأهب المولى المجلسي لتأليف بحار الأنوار، وكان يفحص عن الكتب القديمة، ويسعى في تحصيلها، بلغه أن كتاب مدينة العلم للصدوق، يوجد في بعض بلاد اليمن فأنهى ذلك إلى سلطان العصر، فوجه السلطان أميرا من أركان الدولة سفيرا إلى ملك اليمن بهدايا وتحف كثيرة لخصوص تحصيل ذلك الكتاب، وإنه كان أوقف السلطان بعض املاكه الخاصة، على كتاب البحار لتكتب من غلتها النسخ وتوقف على الطلبة.
ومن هنا قيل: العلماء أبناء الملوك، فتوجهوا لما توجهوا إليه بقلوب فارغة وحواس مجتمعة وأحوال منتظمة، وأسباب حاضرة، وآلات معدة، وأوقات مضبوطة ونفوس مطمئنة مستعدة فتوصلوا إلى المراتب العالية، ونالوا ما لم تبلغه بقدره اللاحقين حيث انسدت عليهم تلك الأبواب وتقطعت بهم الأسباب.
بيت أتى الزمان بنوه في شبيبته * فبرهم، وأتيناه على الهرم والحمد لله على كل حال قلت: وأما نحن فأتيناه بعد وفاته، وتقسيم تراثه.
ثم إن من العجب العجاب بعد ذلك كله ما صدر من بعض معاصريه، وهو مير محمد لوحى الملقب بالمطهر، في كتابه الأربعين الذي جمع فيه أربعين حديثا يتعلق بأحوال الحجة عليه السلام، وأوضاع الرجعة، فقد أكثر فيه من الإساءة إليه وإلى أبيه المعظم أعلى الله مقامهما، ونسبهما إلى ما لا يليق بهما من قلة العلم حتى بالمسائل الأدبية (1).
وهذا داء مزمن دفين في صدور حسدة المعاصرين، فقد اطلعنا على نظيره في