وثانيها أنه جمع ساير أحاديثنا المروية، التي ليس ما في الكتب الأربعة في جنبها إلا بمنزلة القطرة من البحر، في مجلدات بحاره التي لا يقدر على الاتيان بواحد منها أحد من العلماء، ولما يكتب في الشيعة كتاب مثله جمعا وضبطا، وفائدة وإحاطة بالأدلة والأقوال، وهي خمسة وعشرون (1) مجلدا إلا أن سبعة عشرة مجلدا منه خرج من المسودة، وهي فيما به ينيف على سبعمأة ألف بيت ولم يتبيض منه ثماني مجلدات وكتبت هذه الثمانية من غير بيان وتوضيح، ووصى إلى تتميم ذلك أيضا وسوف أستسعد بانجاح هذه الخدمة، بعد فراغي من شرح الكافي، إنشاء الله تعالى.
وثالثها المؤلفات الفارسية، التي هي في غاية النفع والثمرة، للدنيا والآخرة ومن أسباب هداية أغلب عوام أهل العالم، وقل من دار في أحد بلاد أهل الحق، لم يصل إليها شئ من تلك المؤلفات.
ورابعها إقامة الجمعة والجماعات وتشييده لمجامع العبادات، بحيث أن من زمان وفاته إلى هذا التاريخ الذي هو بعد مضى خمسة أعوام من ذلك تقريبا لم ينعقد مثلها من مجامع العبادة، بل تركت أغلب مراسم السنن والآداب التي كانت ببركته عادة بين المؤمنين وكان في الليالي الشريفة وليالي الإحياء، ألوف ألوف من الخلايق، مشغولين في مواضع العبادة والاحياء، بوظايفهم المقررة واستماع المواعظ البالغة ونصايحه الشافية.
وخامسها الفتاوى وأجوبة مسائل الدين الصادرة منه التي كان ينتفع بها المسلمون في غاية السهولة، واليوم بقيت الناس حيارى لا يدرون ما يصنعون، قد يرجعون إلى زيد قد يرجعون إلى عمرو، ويجابون بأحكام متخالفة عجيبة صادرة عن الجهل أو التجاهل منهما بشئ من المنطق، أو المكتوب.
سادسها قضاؤه لحوائج المؤمنين، وإعانته إياهم، ودفعه عنهم ظلم الظلمة، وما كان من شرورهم، وتبليغه عرايض الملهوفين، إلى أسماع الولاة أو المتسلطين