بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٠٢ - الصفحة ١٣٩
الفسوي قدس سره، وأروى عنه من مؤلفاته الأدبية مناولة انتهى، وبالجملة فهو من أجلة العلماء المعروفين.
واعلم أنا لو أردنا شرح هؤلاء العلماء الذين مر ذكرهم لخرجنا عن وضع الرسالة، وإنما استطردنا بعض حالات بعضهم لندرة مأخذه أو لخمول ذكره، وقد رأيت أن أختم الفصل بشرح حال المولى محمد رفيع (1) المتقدم ذكره أحد أصهار هذه السلسلة أداء لحقه في الدين وإحياء لدارس اسمه في لسان المؤمنين، وقد ذكره في اللؤلؤة ولم يزد في ترجمته على اسمه ولقبه، مع كونه من مشايخه.
قال الفاضل الكامل في تتميم أمل الآمل: مولانا محمد رفيع بن فرج الجيلاني الرشتي المجاور لمشهد الرضا عليه السلام طلع شارق فضيلته فاستضاء منه جملة من بني آدم وأضاء بارق تحقيقه فاستنار منه العالم، مواضع أقلامه مع كونها سوادا أزاحت ظلمات الجهالة ومواقع مداده مع كونها قطرات أجرت بحار العلوم في القلوب، فأزالت ختالات الضلالة الكتاب المحكم العزيز قد شرح بتفسيره فإن كان الزمخشري والبيضاوي موجودين في زمنه أخذا الفوايد من تقريره، أصول الفقه صارت بافاداته مشيدة البنيان نيرة البرهان، فعلى الحاجبي والعضدي وأمثالهما مع كونهم الفحول أن يستفيدوا منه الاتقان، المسائل الفقهية روضات جنات رايعة إن لم يدبرها لم يكن لها رواء، والقواعد الحكمية قوانين متينة لو لم يكن ناظر إليها لكانت سخافا مراضا، لم يكن لها إتقان ولا شفاء. وكذلك الحال في ساير الفنون التي لها شجون وغصون، وبالجملة صارت العلوم الغامضة بسبب نظره متقنة ومحكمة وموضحة مبينة ذات شواهد بينة فيحق أن يقال: إنه معلم العلوم ورئيسها ومرجع أهلها في تشييدها وتأسيسها.
هذا شأنه في تكميل القوة النظرية وأما القوة العملية ففي الأخلاق الحسنة لم يكن لها نظير ولا عديل وفي أعمال العبادات الشرعية لم يوجد له مثيل وبديل، هذب النفس وزكاها، ونهاها عن هواها، وعمل من الطاعات والقربات ما لم يبلغ أحد

(1) قد مضى ترجمته في ص 89.
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست