الآخر منكم والأول، صلى الله عليكم وسلم، وكرم وأجزل، ورحمة الله وبركاته.
ثم وقف والضريح قبلته فصلى وأكثر ما لم أحصه، ثم دعا واستغفر وسجد وعفر، فدنوت منه فسمعته يقول في سجوده: إلهي إياك قصدت، وإلى وليك و ابن وليك وفدت، نازلا " بعقوتك، عائذا " بعفوك من عقوبتك، فارحم غربتي، وأقل عثرتي، واقبل توبتي، وأحسن أوبتي مشكور البصيرة، مغفور العلانية والسريرة من كل كبيرة وصغيرة، اللهم ارحم ضراعتي إليك، وتقبل شفاعتي به إليك واقض حاجتي ووسيلتي به لديك، واجعلها نجاتي من النار، وسوء هذه الدار وحطيطة لذنوبي والآصار، يا عالم الخفايا والأسرار، إلهي إني امتطيت إليك المهانة، وادرعت المثابة، لإيا " بعد لأي، في غدوي ومسائي إلى أئمتي وأوليائي فابعثني في أسرتهم واحشرني في زمرتهم، يوم ادعى من الحافرة لحضور الساهرة وموقف الحساب والآخرة.
ثم عفر خديه يتضرع ويبكي وقال: يا ذا الجلال والاكرام، يا ذا الحول والطول، يا ذا القوة والحول، نجني من خطل العمل والقول، وآمني يوم الفزع والهول.
ثم جلس وهو يهينم بما لم أفهمه، ثم قام فوقف عند رأس الحسين عليه السلام و قال: السلام عليك وعلى من اتبعك وشهد المعركة معك، والواردين مصرعك يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزا " عظيما " أتيتك زائرا " يا ولي الله وابن وليه ووصي نبيه، وانصرفت مودعا " غير سئم ولا قال، فاجعلني منك ببال.
ثم انصرف إلى راحلته فركبها ومضى ولم أكلمه ولا كلمني (1).
توضيح: قوله حق ما استرعاك الله كلمة ما مصدرية، والزعيم الكفيل ويقال تنصل فلان من ذنبه أي تبرأ واعتذر، والعقوة الساحة وما حول الدار، والضراعة الخضوع والتذلل، قوله: واجعلها أي حاجتي أو زيارتي، والآصار