ما هو مرادهم وقد قال علي عليه السلام لإراحة للحسود وقال عليه السلام الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له وقد عرفت من تضاعيف هذه المباحث وجه الكلمتين ومن أجل ذلك ينبغي ان لا تشتهى أعدائك موتك بل تشتهى ان تطول حياتك في عذاب الحسد لتنظر إلى نعمة الله تعالى عليهم فينقطع قلبك حسدا ولذلك قيل لامات أعدائك بل خلدوا حتى يروا منك الذي يكمد لا زلت محسودا على نعمة فإنما الكامل من يحسد ففرح عدوك بغمك وحسدك أعظم من فرحه بنعمته فإذا تأملت هذا عرفت انك عدو نفسك وصديق عدوك ان تعاطيت ما تضررت به في الدنيا والآخرة وانتفع به عدوك في الدنيا و الآخرة وصرت شقيا عند الخلق والخالق مذموما في الحال والمال ثم لم تقصر على تحصيل مراد عدوك حتى أدخلت أعظم السرور الذي هو اعدى أعدائك لأنك لم تحب ما أحبه أهل الخير لأنفسهم فتكون معهم لان المرء مع من أحب فأحبك إبليس لذلك فكنت معه وقد تظافرت الاخبار عن النبي صلى الله عليه وآله بان المرء مع من أحب وانك ان لم تكن عالما ولا متعلما تكن محبا فقد فإنك بحسدك ثواب الحب واللحاق بهم وعساك تحاسد رجلا من أهل العلم وتحب ان يخطئ في دين الله وينكشف خطائه ليفتضح وتحب ان يعرض له ما يمنعه عن العلم والتعليم وأي أتم تزيد على هذا فليتك إذا فاتك اللحاق بهم ثم اعثمت به فاتك الاثم وعذاب الآخرة وفذ جائك في الأحاديث ان أهل الجنة ثلثه المحسن والمحب له والكاف عنه أي من يكف عنه الأذى والحسد والبغض فانظر كيف أبعدك إبليس عن المداخل الثلاثة فقد تعد عليك حسد إبليس وما تعد حسدك على عدوك بل على نفسك فلو انكشفت حالك لك في يقظته أو منام لرأيت نفسك أيها الحاسد في صورة من يرمى عدوه بحجارة ليصيب بها مقلته فلا يصيبه بل يرجع حجره على حدقته اليمنى فيعميها فيزداد غضبه ثانيا فيعود إلى الرمي أشد من الأول فيرجع على
(٣١٩)