عينه الأخرى فيعميها فيزداد غضبه فيعود ثالثة فيرجع إلى رأسه فيشجه وعدوه سالم على كل حال وأعدائه حوله يفرحون بما اصابه ويضحكون منه فهذه حال الحسود لا بل حالة أقبح لان من الحجر المفوت للعين انما يفوت ما لو بقى لفات بالموت لامحة بخلاف الاثم الحاصل للحسود فإنه لا يفوت بالموت بل بسوقه إلى غضب الله والى النار فلان تذهب عينه في الدنيا خير من أن تبقى له عين يدخل بها النار فيعميها لهبها لهيب النار فانظر كيف انتقام الله تعالى من الحاسد إذا أراد زوال النعمة عن المحسود فأزالها عن نفسه إذ السلامة من الاثم نعمة ومن الغم نعمة أخرى وقد زالتا منه تصديقا لقوله تعالى ولا يحيق المكر السيئ الا باهله وربما يبتلى بعين ما يشتهيه لعدوه إذ قل ما شمت شامت بمسائة أحدا لا وابتلى بمثلها فهذه هي الأدوية العلمية فمهما تفكر الانسان فيها بذهن صاف وقلب حاضر انطفى من قلبه نار الحسد وعلم أنه مهلك نفسه ومفرح عدوه ومسخط ربه ومنغص عيشه واما الدواء العملي فبعد ان يتدبر ما تقدم ينبغي ان يكلف نفسه نقيض ما ما يبعثه عليه فيمدح للمحسود عليه عند بعثه على القدح ويتواضع له عند بعثه على التكبر ويزيد في الانعام عند بعثه على كفه فينتج هذه المقدمات تمام الموافقة وتنقطع مادة الحسد وتستريح القلب من المه وغمه فهذه أدوية نافعة جدا الا انها مرة جدا لكن النفع في دواء المرو من لم يصبر على مرارة الدواء لم يظفر لحلاوة العشاء والباعث على هذه الخصال الحميدة الرغبة في ثواب الله تعالى والخوف من عقابه وفقنا الله وإياكم لاستعماله بمحمد واله وصلى الله عليهم أجمعين الفصل الخامس في كفارة الغيبة اعلم أن الواجب على المغتاب ان يندم ويتوب ويتأسف على ما فعله ليخرج من حق الله تعالى ثم يستحل المغتاب عنه ليحله فيخرج عن مظلمته وينبغي ان يستحله وهو حزين متأسف نادم على فعله إذا المرء قد يستحل ليظهر من نفسه الورع وفى الباطن لا يكون نادما فيكون قد قارن
(٣٢٠)