رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ٣١٥
من الله تعالى بشر مثلهم فحسدوهم وقالوا متعجبين ابعث الله بشرا رسولا فقال تعالى أو عجبتم ان جائكم ذكر من ربكم على رجل منكم وأعظم الأسباب فسادا الخامس والسادس لتعلقهما غالبا بعلماء السوء نظرائهم ومناط الخامس يرجع إلى متراجمين على مطلوب واحد فان كلا منهما يحسد صاحبه في كل نعمة يكون عونا له في الانفراد بمقصوده ومن هذه الباب تحاسد الضرات في التزاحم على مقاصد الزوجة والاخوة في التزاحم على نيل المنزلة المطلوبة بها عند الأب والتلامذة لأستاذ واحد في نيل المنزل عنده والعالمين المتزاحمين على طائفة من المحصورين إذ يطلب كل واحد منزلة في قلبهم للتوصل بهم إلى اغراضه ومرجع السادس ذلك إلى محبة الانفراد بالرياسة والاختصاص بالثناء والقرح بما يمدح به من أنه واحد الدهر فلا نظير له فإنه متى سمع بنظير له في أقصى العالم اسائه ذلك وأحب موته وزوال النعمة التي بها يشاركه في المنزلة و هذا زيادة على ما في قلوب آحاد العلماء من طلب الجاه والمنزلة في قلوب الناس للتوصل إلى مقاصد سوى الرياسة وقد كان علماء اليهود يعلمون رياسة رسول الله ص وينكرونها ولا يؤمنون به مخافة ان يبطل رياستهم وان يصيروا تابعين بعد إن كان نوا متبوعين مهما نسخ علمهم وقد يجتمع بعض هذه الأسباب أو أكثرها أو جميعها في شخص واحد فيعظم فيه داء الحسد وينكر في قلبه ويقوى قوة لا يقدر معه على الاخفاء والمجاملة بل يتهتك حجاب المجاملة ويظهر العداوة بالمكاشفة ولا يكاد يزول الا بالموت وقل ان يتفق بالحاسد سبب واحد من هذه الأسباب بل أكثر واصل العداوة والحسد التزاحم على غرض واحد والغرض الواحد لا يجتمع متباعدين بل متناسبين فلذلك ترى الحسد يكثر بين الأمثال والاقران والاخوة ونبى العم والأقارب ويقد في غيرهم الا مع الاجتماع في أحدا الأغراض المقررة نعم من اشتد حرصه على الجاه وحب الصيت في
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»
الفهرست