رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ٢٩٨
وقال صلى الله عليه وآله من كظم غيظا وهو يقدر على أن يمضيه دعاه الله يوم القيمة على رؤوس الخلائق حتى خبره الله تعالى من أي الحور العين شاء وفى بعض كتب الله تعالى يا ابن ادم اذكرني حين تغضب أذكرك حين اغضب فلا أمحقك فيمن أمحق واما الموافقة فبان تعلم أن الله تعالى يغضب عليك إذا طلبت سخطه في رضاء المخلوقين فكيف ترضى لنفسك ان توقر غيرك وتحقر مولاك فتترك رضاه لرضاهم الا ان يكون غضبك الله تعالى وذلك لا يوجب ان تذكر المغضوب عليه بسوء بل ينبغي ان تغضب لله أيضا لرفقائك إذا ذكروه بالسوء فإنهم عصوا ربك بأفحش الذنوب وهو الغيبة واما تنزيه النفس بنسبة الخيانة إلى الغير حيث يستغنى عن ذكر الغير فتعالجه بان نعرف ان التعرض لمقت الخالق أشد من التعرض لمقت الخلق بالغيبة تتعرض بسخط الله تعالى يقينا ولا تدري انك تتخلص من سخط الناس أم لا تتخلص نفسك في الدنيا بالتوهم وتهلك في الآخرة أو تخسر حسناتك بالحقيقة وتحصل ذم الله فقد أو تنتظر رفع ذم الخلق نسية هذا غاية الجهل والخذلان واما عذرك كقولك ان اكلت الحرام ففلان يأكل وان فعلت كذا ففلان يفعل وان قصرت في كذا من الطاعة ففلان مقصر ونحو ذلك فهذا جهل لأنك تعتذر بالاقتداء بمن لا يجوز الاقتداء به فان من خالف أمر الله لا يقتدى به كائنا من كان ولو دخل غيرك النار وأنت تقدر ان لا تدخلها لم توافقه ولو وافقته سفه عقلك فأذكرته غيبته وزيادة معصيته أضفتها إلى ما اعتذرت عنه وسبحان مع الجمع بين المعصيتين على جهلك وغباوتك وكنت كالشاة تنظر إلى العنز تردى نفسه من الجبل فهى أيضا تردى نفسها ولو كان لها لسان وصرحت بالعذر وقالت العنز أكيس منى وقد أهلك نفسه فكذا افعل لكنت تضحك من جهلها وحالك مثل حالها ثم لا تتعجب ولا تضحك من نفسك واما قصدك المباهاة
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»
الفهرست