رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ٢٩٤
الا تحققه أي لاتحقق في نفسه بعقد ولافعل لافى القلب ولا في الجوارح إما في القلب فبتغيره إلى النفرة والكراهة وفى الجوارح بالعمل بموجبه والذي ينبغي فعله عند خطور خاطر سوء على مؤمن ان يزيد في مراعاته ويدعو له بالخير فان ذلك يغيظ الشيطان ويدفعه عنك فلا يلقى إليك بعد ذلك خاطر سوء خيفة من اشتغالك بالدعاء والمراعاة وهو ضد مقصوده ومهما عرفت بهفوة من مؤمن فانصحه في السر ولا يخد عنك الشيطان فيدعوك إلى اغتياء وإذا وعظته فلا تعظه وأنت مسرور باطلاعك على نقصه لينظر إليك بعين التعظيم وتنظر إليه بعين الاستصغار وترتفع عنه بدالة الوعظ بل يكن قصدك تخليصه من الاثم وأنت حزين كما تحزن على نفسك إذا ادخل عليك نقصان وينبغي ان يخطر بقلبك ان تركه ذلك من غير نصيحتك أحب إليك من تركه بالنصيحة فإذا أنت فعلت ذلك كنت قد جمعت بين اجر الوعظ واجر الغم بمصيبته واجر الإعانة له على دينه ومن ثمرات سوء الظن التجسيس فان القلب لا يقنع بالظن ويطلب التحقيق فيشتغل بالتجسيس وهو أيضا منهى عنه قال الله تعالى ولا تجسسوا وقد نهى الله سبحانه في هذه الآية الواحدة عن الغيبة وسوء الظن ومعنى التجسس ان لا تترك عباد الله تحت سر الله فيتوصل إلى الاطلاع وهتك الستر حتى ينكشف لك ما لو كان مستورا عنك كان أسلم لقلبك ولدينك فتدبر ذلك راشدا وبالله التوفيق الفصل الثاني في العلاج الذي يمنع الانسان عن الغيبة اعلم أن مساوى الأخلاق كلها انما تعالج بمعجون العلم والعمل وانما علاج كل علة بمضاد سببها فلنبحث عن سبب الغيبة أولا ثم نذكر علاج كف اللسان عنها على وجه يناسب علاج تلك الأسباب فنقول جملة ما ذكروه من الأسباب الباعثة على الغيبة عشرة أشياء قد نبه الصادق عليه السلام عليها اجمالا بقوله أصل الغيبة يتنوع بعشر أنواع
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»
الفهرست