رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ٢٩٧
من سيئاته وهو مع ذلك متعرض لمقت الله تعالى ومشبه عنده بأكل الميتة وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ما النار في اليبس بأسرع من الغيبة في حسنات العبد وروى أن رجلا قال لبعض الفضلاء بلغني انك تغتابني فقال ما بلغ من قدرك عندي انى أحكمك في حسناتي فمهما امن العبد بما وردت به الاخبار لم ينطلق لسانه بالغيبة خوفا من ذلك وينفعه أيضا ان يتدبر في نفسه فان وجد فيها عيبا اشتغل بعيب نفسه وذكر قوله صلى الله عليه وآله طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ومهما وجد عيبا فينبغي ان يستحى من أن يترك نفسه ويذم غيره بل ينبغي ان يعلم أن عجز غيره عن نفسه في التنزه عن ذلك العيب كعجزه إن كان ذلك عيبا يتعلق بفعله واختياره وإن كان أمرا خلقيا فالذم له ذم للخالق فان من ذم صنعة فقد ذم الصانع قال رجل لبعض الحكماء يا قبيح الوجه فقال ما كان خلق وجهي إلى فاحسنه وان لم يجد عيبا في نفسه فليشكر الله ولا يتلوث نفسه بأعظم العيوب فان ثلب الناس واكل لحم الميتة من أعظم العيوب فيصير ح ذا عيب بل لو انصف من نفسه لعلم ان ظنه بنفسه انه برئ من كل عيب جهل بنفسه وهو من أعظم العيوب وينفعه ان يعلم أن تألم غيره بغيبته كتألمه بغيبة غيره له فإذا كان لا يرضى لنفسه ان يغتاب فينبغي ان لا يرضى لغيره مالا يرضاه لنفسه فهذه معالجات حمايته فاما التفصيل فهو ان ينظر إلى السبب الباعث له على الغيبة ويعالجه فان علاج العلة بقطع سببها وقد عرفت الأسباب الباعثة إما الغضب فيعالجه بان يقول إن أمضيت غضبى عليه لعلى الله تعالى يمضى غضبه على بسبب الغيبة اذنها لي عنها فاستجرأت على نهيه واستخففت بزجره وقد قال صلى الله عليه وآله ان لجهنم بابا لا يدخلها الا من شفا غيضه بمعصية الله تعالى وقال من اتقى ربه كل لسانه ولم يشف غيظه
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»
الفهرست