ذلك هول المطلع، وسكرات الموت والوقوف بين يدي الحكم العدل " ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ".
ألستم في منازل من كان أطول منكم أعمارا وآثارا، وأعد منكم عديدا، و أكثف جنودا (1) وأشد منكم عتودا، تعبدوا الدنيا أي تعبد، وآثروها أي إيثار ثم ظعنوا عنها بالصغار.
فهل بلغكم أن الدنيا سخت لهم بفدية، أو أغنت عنهم فيما قد أهلكهم من خطب، بل قد أوهنتهم بالقوارع (2) وضعضعتهم بالنوائب، وعفرتهم للمناخر، و أعانت عليهم ريب المنون (3) فقد رأيتم تنكرها لمن دان لها وأخلد إليها، حتى ظعنوا عنها لفراق أمد إلى آخر المستند، هل أحلتهم إلا الضنك؟ أو زودتهم إلا التعب؟ أو نورت لهم إلا الظلم، أو أعقبتهم إلا النار، فهذه تؤثرون؟ أم على هذه تحرصون؟ إلى هذه تطمئنون؟ يقول الله جل من قائل: " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون " (4).
فبئست الدار لمن لا يتهمها وإن لم يكن فيها على وجل منها، إعلموا وأنتم لا تعلمون أنكم تاركوها لابد (5) فإنما هي كما نعتها الله تعالى " لهو ولعب " واتعظوا