من سرائها بطنا إلا منحته من ضرائها ظهرا (1) ولم تطله فيها ديمة رخاء إلا هتنت عليه مزنة بلاء (2) وحري إذا أصبحت له متنصرة أن تمسى له متنكرة، فإن جانب منها اعذوذب لامرء واحلولى أمر عليه جانب فأوبي، وإن لقى امرء من غضارتها رغبا زودته من نوائبها تعبا، ولا يمسي امرء منها في جناح أمن إلا أصبح في خوافي خوف (3) غرارة غرور ما فيها، فانية فان من عليها، من أقل منها استكثر مما يؤمنه (4) ومن استكثر منها لم يدم له وزال عما قليل عنه، كم من واثق بها قد فجعته، وذي طمأنينة إليها قد صرعته، وذي خدع قد خدعته، وذي أبهة قد صيرته حقيرا، وذي نخوة قد صيرته خائفا فقيرا، وذي تاج قد أكبته لليدين و الفم. سلطانها دول، وعيشها رنق (5) وعذبها أجاج، وحلوها صبر، وغذائها سمام وأسبابها رمام (6) حيها بعرض موت وصحيحها بعرض سقم، ومنيعها بعرض اهتضام عزيزها مغلوب، وملكها مسلوب، وضيفها مثلوب، وجارها محروب (7) ثم من وراء
(١٥)