قال: فلما دخل إلى الدار التي كان فيها دكانه نهض له من كان هناك جالسا غير رجل رآه جالسا في الموضع فلم ينهض له ولم يعرفه أبي فلما جلس و أخرج حسابه ودواته كما تكون التجار أقبل على بعض من كان حاضرا فسأله عنه فأخبره فسمعه الرجل يسأل عنه فأقبل عليه وقال له: تسأل عني وأنا حاضر فقال له أبي: أكبرتك أيها الرجل وأعظمت قدرك أن أسألك فقال له: تخرق رقعتي وأنا أشاهدك تخرقها فقال له أبي: فأنت الرجل إذا.
ثم قال: يا غلام برجله وبقفاه فخرج من الدار العدو لله ولرسوله ثم قال له: أتدعي المعجزات؟ عليك لعنة الله، أو كما قال، فاخرج بقفاه فما رأيناه بعدها بقم.
ومنهم ابن أبي العزاقر أخبرني الحسين بن إبراهيم، عن أحمد بن علي بن نوح عن أبي نصر هبة الله بن محمد بن أحمد الكاتب ابن بنت أم كلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي الله عنه قال: حدثتني الكبيرة أم كلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي الله عنها قالت: كان أبو جعفر ابن أبي العزاقر وجيها عند بني بسطام، وذاك أن الشيخ أبا القاسم رضي الله عنه وأرضاه كان قد جعل له عند الناس منزلة وجاها فكان عند ارتداده يحكي كل كذب وبلاء وكفر لبني بسطام ويسنده عن الشيخ أبي القاسم فيقبلونه منه ويأخذونه عنه، حتى انكشف ذلك لأبي القاسم فأنكره وأعظمه ونهى بني بسطام عن كلامه وأمرهم بلعنه والبراءة منه فلم ينتهوا وأقاموا على توليه.
وذاك أنه كان يقول لهم: إنني أذعت السر وقد اخذ علي الكتمان فعوقبت بالابعاد بعد الاختصاص لان الامر عظيم لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن ممتحن، فيؤكد في نفوسهم عظم الامر وجلالته.
فبلغ ذلك أبا القاسم رضي الله عنه فكتب إلى بني بسطام بلعنه والبراءة منه و ممن تابعه على قوله، وأقام على توليه، فلما وصل إليهم أظهروه على فبكى بكاء عظيما ثم قال: إن لهذا القول باطنا عظيما وهو أن اللعنة الابعاد، فمعنى قوله:
لعنه الله أي باعده الله عن العذاب والنار، والآن قد عرفت منزلتي ومرغ خديه