وإذا كانت أخبار الغيبة قد سبقت زمان الحجة عليه السلام بل زمان أبيه وجده حتى تعلقت الكيسانية والناووسية والممطورة بها وأثبتها المحدثون من الشيعة في أصولهم المؤلفة في أيام السيدين الباقر والصادق عليهما السلام وأثروها عن النبي و الأئمة عليهم السلام واحد بعد واحد صح بذلك القول في إمامة صاحب الزمان بوجود هذه الصفة له والغيبة المذكورة، في دلائله وأعلام إمامته، وليس يمكن أحدا دفع ذلك.
ومن جملة ثقات المحدثين والمصنفين من الشيعة الحسن بن محبوب الزراد وقد صنف كتاب المشيخة الذي هو في أصول الشيعة أشهر من كتاب المزني و أمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة فذكر فيه بعض ما أوردناه من أخبار الغيبة فوافق المخبر، وحصل كلما تضمنه الخبر بلا اختلاف.
ومن جملة ذلك ما رواه عن إبراهيم الحارثي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له كان أبو جعفر عليه السلام يقول: لآل محمد غيبتان واحدة طويلة والأخرى قصيرة قال: فقال لي: نعم يا أبا بصير إحداهما أطول من الأخرى ثم لا يكون ذلك يعنى ظهوره عليه السلام حتى يختلف ولد فلان وتضيق الحلقة وتظهر السفياني ويشتد البلاء ويشمل الناس موت وقتل، ويلجؤون منه إلى حرم الله تعالى وحرم رسوله صلى الله عليه وآله.
فانظر كيف قد حصلت الغيبتان لصاحب الامر عليه السلام على حسب ما تضمنه الأخبار السابقة لوجوده عن آبائه وجدوده عليهم السلام أما غيبته القصرى منهما فهي التي كانت سفراؤه فيها موجودين وأبوابه معروفين، لا تختلف الامامية القائلون بإمامة الحسن بن علي فيهم. فمنهم أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري ومحمد بن علي بن بلال وأبو عمرو بن عثمان بن سعيد السمان وابنه أبو جعفر محمد بن عثمان رضي الله عنهما وعمر الأهوازي، وأحمد بن إسحاق وأبو محمد الوجنائي وإبراهيم بن مهزيار ومحمد بن إبراهيم في جماعة اخر ربما يأتي ذكرهم عند الحاجة.