كل أربعين يوما فتناوله الطاير وطار به في جو السماء وأتبعه سائر الطير فسمعت أبا محمد يقول: أستودعك الذي استودعته أم موسى فبكت نرجس فقال لها: اسكتي فان الرضاع محرم عليه إلا من ثديك وسيعاد إليك كما رد موسى إلى أمه و ذلك قوله عز وجل " فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن " قالت حكيمة:
فقلت: ما هذا الطاير قال: هذا روح القدس الموكل بالأئمة عليهم السلام يوفقهم ويسددهم ويربيهم بالعلم.
قالت حكيمة: فلما أن كان بعد أربعين يوما رد الغلام ووجه إلي ابن أخي عليه السلام فدعاني فدخلت عليه فإذا أنا بصبي متحرك يمشي بين يديه فقلت:
سيدي هذا ابن سنتين فتبسم عليه السلام ثم قال: إن أولاد الأنبياء والأوصياء إذا كانوا أئمة ينشؤون بخلاف ما ينشؤ غيرهم وإن الصبي منا إذا أتى عليه شهر كان كمن يأتي عليه سنة وإن الصبي منا ليتكلم في بطن أمه ويقرأ القرآن ويعبد ربه عز وجل وعند الرضاع تطيعه الملائكة وتنزل عليه (كل) صباح (و) مساء.
قالت حكيمة: فلم أزل أرى ذلك الصبي كل أربعين يوما إلى أن رأيته رجلا قبل مضي أبي محمد عليه السلام بأيام قلايل فلم أعرفه فقلت لأبي محمد عليه السلام: من هذا الذي تأمرني أن أجلس بين يديه؟ فقال: ابن نرجس وهو خليفتي من بعدي وعن قليل تفقدوني فاسمعي له وأطيعي، قالت حكيمة: فمضى أبو محمد عليه السلام بأيام قلايل و افترق الناس كما ترى ووالله إني لأراه صباحا ومساء وإنه لينبئني عما تسألوني عنه فأخبركم ووالله إني لأريد أن أسأله عن الشئ فيبدؤني به وإنه ليرد علي الامر فيخرج إلي منه جوابه من ساعته من غير مسألتي وقد أخبرني البارحة بمجيئك إلي وأمرني أن أخبرك بالحق.
قال محمد بن عبد الله: فوالله لقد أخبرتني حكيمة بأشياء لم يطلع عليها أحد إلا الله عز وجل فعلمت أن ذلك صدق وعدل من الله عز وجل وأن الله عز وجل قد أطلعه على ما لم يطلع عليه أحدا من خلقه.
بيان: قوله عليه السلام: وثبت وطأتي: الوطئ الدوس بالقدم سمي به الغزو والقتل