فقال له: سر راشدا فقد رضيت برأيك وبسيرتك، وكان رجلا ناسكا يتأله وكان عثمانيا وكان ممن شهد مع معاوية صفين.
فخرج [ابن شجرة] من دمشق مسرعا وقال: اللهم إن كنت قضيت أن يكون بين هذا الجيش الذي وجهت، وبين أهل حرمك الذي وجهت إليه قتال فاكفنيه، فإني لست أعظم قتال من شرك في قتل عثمان خليفتك المظلوم ولا قتال من خذله ولكني أعظم القتال في حرمك الذي حرمت.
فخرج يسير وقدم أمامه الحارث بن نمير، فأقبلوا حتى مروا بوادي القرى ثم أخذوا على الجحفة ثم مضوا حتى قدموا مكة في عشر ذي الحجة.
وعن عباس بن [سهل بن] سعد الأنصاري قال: لما سمع قثم بن العباس بدنوهم منه قبل أن يفصلوا من الجحفة وكان عاملا لعلي عليه السلام على مكة، فقام في أهل مكة وذلك في سنة تسع وثلاثين، فحمد الله وأثنى عليه ودعاهم إلى الجهاد وقال:
بينوا لي ما في أنفسكم ولا تغروني. فسكت القوم مليا فقال: قد بينتم لي ما في أنفسكم. فذهب لينزل فقام شيبة بن عثمان فقال: رحمك الله أيها الأمير لا يقبح فينا أمرك ونحن على طاعتنا وبيعتنا وأنت أميرنا وابن عم خليفتنا فإن تدعنا نجبك فيما أطقنا ونقدر عليه.
فقرب [قثم] دوابه وحمل متاعه وأراد التنحي من مكة، فأتاه أبو سعيد الخدري وقال: ما أردت؟ قال: قد حدث هذا الأمر الذي بلغك وليس معي جند أمتنع به، فرأيت أن أعتزل عن مكة فإن يأتني جند أقاتل بهم، وإلا كنت قد تنحيت بدمي. قال له: إني لم أخرج من المدينة حتى قدم علينا حاج أهل العراق وتجارهم يخبرون أن الناس بالكوفة قد ندبوا إليك مع معقل بن قيس الرياحي. قال: هيهات هيهات يا أبا سعيد إلى ذلك ما يعيش أولادنا. فقال له أبو سعيد: رحمك الله فما عذرك عند ابن عمك، وما عذرك عند العرب انهزمت قبل أن تطعن وتضرب؟! فقال: يا أبا سعيد إنك لا تهزم عدوك ولا تمنع حريمك