أين تؤتون! وأنى تؤفكون! فلكل أجل كتاب، ولكل غيبة إياب، فاستمعوا من ربانيكم، وأحضروه قلوبكم، واستيقظوا إن هتف بكم، وليصدق رائد أهله، وليجمع شمله، وليحضر ذهنه، فلقد فلق لكم الأمر فلق الخرزة وقرفه قرف الصمغة.
فعند ذلك أخذ الباطل مأخذه وركب الجهل مراكبه، وعظمت الطاغية وقلت الداعية، وصال الدهر صيال السبع العقور، وهدر فنيق الباطل بعد كظوم، وتواخى الناس على الفجور، وتهاجروا على الدين، وتحابوا على الكذب، وتباغضوا على الصدق.
فإذا كان ذلك كان الولد غيظا، والمطر قيضا، وتفيض اللئام فيضا، وتغيض الكرام غيضا.
وكان أهل ذلك الزمان ذئابا، وسلاطينه سباعا، وأوساطه أكالا، وفقراؤه أمواتا، وغار الصدق وفاض الكذب، واستعملت المودة باللسان، وتشاجر الناس بالقلوب، وصار الفسوق نسبا، والعفاف عجبا، ولبس الإسلام لبس الفرو مقلوبا!
تبيين:
الملحمة هي الحرب أو الوقعة العظيمة فيها. وموضع القتال مأخوذ من اشتباك الناس فيها كاشتباك لحمة الثوب بالسدى. وقيل: [هي مأخوذة] من اللحم. والتجلي: الانكشاف. والخلق الثاني يحتمل المصدر والمخلوق. والروية:
التفكر. والمراد بالضمير إما القلب أو ما يضمر من الصور.
قوله عليه السلام: " في نفسه ": أي كائن في نفسه أو في حد ذاته إذا تأمل فيه متأمل بنظر صحيح والغامض من الأرض: المطمئن. ومن الكلام وغيره خلاف الواضح. والمشكاة: كوة غير نافذة يجعل فيها المصباح، أو عمود القنديل الذي فيه الفتيلة، أو القنديل. والذؤابة بالضم مهموزا: الناصية أو