أما تبرء التابع من المتبوع [فقد] قال تعالى: (قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعو من قبل شيئا) [74 / غافر: 40].
وأما تبرء القائد من المقود: أي المتبوع من التابع فقال تعالى: (إذ تبرء الذين اتبعوا من الذين اتبعوا) [166 / البقرة: 2].
وإما الأعم كما دل عليه قوله عليه السلام: " فيتزايلون... " فقال تعالى:
(ويوم القيامة يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا) [25 / العنكبوت: 29].
وقوله عليه السلام: " يتزايلون ": أي يفترقون. وطالع الفتنة مقدماتها.
وسماها رجوفا لشدة الاضطراب فيها.
ولما ذكر عليه السلام رغبتهم في الدنيا وتكالبهم، أراد أن يذكر ما يؤكد التعجب من فعلهم، فأتى بجملة معترضة بين الكلامين فقال: " وعن قليل يتبرء التابع... إلخ ". ثم عاد إلى نظام الكلام فقال: " ثم يأتي بعد ذلك طالع الفتنة الرجوف ".
وقال ابن ميثم: أشار عليه السلام إلى منافستهم في الدنيا في إثارة تلك الفتن، ثم أخبر عن انقضائها عن قليل وكنى عن ذلك بتبرء التابع من المتبوع.
قيل: [وكان] ذلك التبرء عند ظهور الدولة العباسية، فإن العادة جارية بتبرء الناس عن الولاة المعزولين، خصوصا ممن تولى عزل أولئك أو قتلهم فيتباينون بالبغضاء ويتلاعنون عند اللقاء.
[ثم] قال [ابن ميثم:] وقوله عليه السلام: " ثم يأتي [بعد ذلك طالع الفتنة الرجوف "] إشارة إلى فتنة التتار، إذ الدائرة فيهم كانت على العرب.
[ثم] قال: وقال بعض الشارحين: ذلك إشارة إلى الملحمة الكائنة في