بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٤ - الصفحة ١٦٤
وتنصف الوضيع من الشريف، وليس للشريف عندك فضل منزلة على الوضيع، فضج طائفة ممن معك على الحق إذا عموا به، واغتموا من العدل إذ صاروا فيه، وصارت صنائع معاوية عند أهل الغنى والشرف، فتاقت أنفس الناس إلى الدنيا، وقل من الناس من ليس للدنيا بصاحب، وأكثرهم من يجتوي الحق ويستمري الباطل ويؤثر الدنيا (1). فإن تبذل المال يا أمير المؤمنين تمل إليك أعناق الناس، وتصفو نصيحتهم، وتستنزل ودهم، صنع الله لك يا أمير المؤمنين! وكبت عدوك، وفض جمعهم، ووهن كيدهم وشتت أمورهم، إنه بما يعملون خبير.
فأجابه علي عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه وقال:
أما ما ذكرت من عملنا وسيرتنا بالعدل فإن الله يقول: (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد) [46 / فصلت: 41] وأنا من أكون مقصرا فيما ذكرت أخوف.
وأما ما ذكرت من أن الحق ثقل عليهم ففارقونا لذلك، فقد علم الله أنهم لم يفارقونا من جور، ولم يلجأوا إلى عدل، ولم يلتمسوا إلا دنيا زائلة عنهم، كأن قد فارقوها، وليسألن يوم القيامة أللدنيا أرادوا أم لله عملوا؟
وأما ما ذكرت من بذل الأموال واصطناع الرجال، فإنا لا يسعنا أن نؤتي امرءا من الفئ أكثر من حقه، وقد قال الله وقوله الحق: (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) [249 / البقرة: 2] و [قد] بعث [الله] محمدا صلى الله عليه وآله وحده فكثره بعد القلة، وأعز فئته بعد الذلة، وإن يرد الله [أن] يولينا هذا الأمر، يذلل لنا صعبه

(1) هذا هو الظاهر الموافق لما رواه ابن أبي الحديد في شرح المختار: (34) من نهج البلاغة من شرحه: ج 1، ص 413.
وفي ط الكمباني من البحار: يجترى الحق ويستمري الباطل...
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 [الباب الحادي والثلاثون] باب سائر ما جرى من الفتن من غارات أصحاب معاوية على أعماله عليه السلام وتثاقل أصحابه عن نصره وفرار بعضهم عنه إلى معاوية وشكايته عليه السلام عنهم وبعض النوادر 7
2 [الباب الثاني والثلاثون] علة عدم تغيير أمير المؤمنين عليه السلام بعض البدع في زمانه 167
3 [الباب الثالث والثلاثون] باب نوادر ما وقع في أيام خلافته عليه السلام وجوامع خطبه ونوادرها 183
4 [الباب الرابع والثلاثون] باب فيه ذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام الذين كانوا على الحق ولم يفارقوا أمير المؤمنين عليه السلام وذكر بعض المخالفين والمنافقين زائدا على ما أوردنا [ه] في كتاب أحوال النبي صلى الله عليه وآله وكتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام. 271
5 [الباب الخامس والثلاثون] باب النوادر 327
6 [الباب السادس والثلاثون] باب آخر نادر في ذكر ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام من الأشعار المناسبة لهذا المجلد وقد مر بعضها في الأبواب السابقة 395