بهم الدنيا وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصمه الله.
فهذا أحد الأربعة.
و [ثاني الأربعة] رجل سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا لم يحفظه على وجهه، فوهم فيه ولم يتعمد كذبا، وهو في يديه يرويه ويعمل به ويقول: " أنا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله ". فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوا منه، ولو علم هو أنه كذلك لرفضه.
ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا يأمر به ثم نهى [رسول الله] عنه وهو لا يعلم، أو سمعه نهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ. فلو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.
وآخر رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله، مبغض للكذب خوفا لله وتعظيما لرسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يهم به، بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به على ما سمعه، ولم يزد فيه ولم ينقص منه، وحفظ الناسخ فعمل به وحفظ المنسوخ فجنب عنه، وعرف الخاص والعام فوضع كل شئ موضعه، وعرف المتشابه والمحكم.
وقد يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله الكلام له وجهان، فكلام خاص وكلام عام، فيسمعه من لا يعرف ما عنى الله به، ولا ما عنى به رسول الله صلى الله عليه وآله، فيحمله السامع ويوجهه على غير معرفة بمعناه ولا ما قصد به وما خرج من أجله.
وليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يسأله ويستفهمه، حتى أن كانوا ليحبون أن يجئ الأعرابي أو الطاري فيسأله صلى الله عليه وآله حتى يسمعوا كلامه وكان لا يمر بي من ذلك شئ إلا سألت عنه وحفظته.
فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم وعللهم في رواياتهم.