الله كمن عمله، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال حين رجع من تبوك " إن بالمدينة لأقواما ما سرتم من مسير ولا هبطتم من واد إلا كانوا معكم ما حبسهم إلا المرض " يقول: كانت لهم نية.
ثم اعلم يا محمد أني وليتك أعظم أجنادي أهل مصر وإذ وليتك ما وليتك من أمر الناس فإنك محقوق أن تخاف فيه على نفسك وتحذر فيه على دينك ولو كان ساعة من نهار، فإن استطعت أن لا تسخط ربك لرضا أحد من خلقه فافعل فإن في الله خلفا من غيره وليس في شئ غيره خلف منه، فاشتد على الظالم ولن لأهل الخير وقربهم إليك واجعلهم بطانتك وإخوانك والسلام.
وبهذا الاسناد قال: كتب علي صلوات الله عليه إلى محمد وأهل مصر:
أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله والعمل بما أنتم عنه مسؤولون فأنتم به رهن وأنتم إليه صائرون فإن الله عز وجل يقول: * (كل نفس بما كسبت رهينة) * [38 / المدثر:] وقال: * (ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير) * وقال:
* (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) * [92 - 93 / الحجر].
فاعلموا عباد الله أن الله سائلكم عن الصغير من أعمالكم والكبير فإن يعذب فنحن الظالمون وإن يغفر ويرحم فهو أرحم الراحمين.
واعلموا أن أقرب ما يكون العبد إلى الرحمة والمغفرة حين ما يعمل بطاعة الله ومناصحته في التوبة فعليكم بتقوى الله عز وجل فإنها تجمع من الخير ما لا يجمع غيرها ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها خير الدنيا وخير الآخرة يقول الله سبحانه: * (وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين) * [30 / النحل: 16] واعلموا عباد الله أن المؤمن يعمل لثلاث:
إما لخير الدنيا فإن الله يثيبه بعمله في الدنيا قال الله: * (وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين) * [27 / العنكبوت] فمن عمل لله تعالى