فكتب إليه علي عليه السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى محمد بن أبي بكر وأهل مصر سلام عليكم فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد فقد وصل إلي كتابك فقرأته وفهمت ما سألتني عنه فأعجبني اهتمامك بما لابد منه وما لا يصلح المؤمنين غيره، وظننت أن الذي دعاك إليه نية صالحة ورأي غير مدخول ولا خسيس وقد بعثت إليك أبواب الأقضية جامعا لك ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل وكتب إليه بما سأله عنه من القضاء وذكر الموت والحساب وصفة الجنة والنار وكتب في الإمامة وكتب في الوضوء وكتب إليه في مواقيت الصلاة وكتب إليه في الركوع والسجود وكتب إليه في الأدب وكتب إليه في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وكتب إليه في الاعتكاف وكتب إليه في الزنادقة وكتب إليه في نصراني فجر بمسلمة وكتب إليه في أشياء كثيرة لم نحفظ منها غير هذه الخصال وحدثنا ببعض ما كتب إليه.
قال إبراهيم وحدثني يحيى بن صالح عن مالك بن خالد الأسدي عن الحسن بن إبراهيم عن عبد الله بن الحسن بن الحسن عن عباية قال: كتب علي صلوات الله عليه إلى أهل مصر لما بعث محمد بن أبي بكر إليهم كتابا يخاطبهم به ويخاطب محمدا أيضا فيه أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله في سر أمركم وعلانيته وعلى أي حال كنتم عليها وليعلم المرء منكم أن الدنيا دار بلاء وفناء والآخرة دار جزاء وبقاء فمن استطاع أن يؤثر ما يبقى على ما يفنى فليفعل فإن الآخرة تبقى والدنيا تفنى رزقنا الله وإياكم تبصرا [بصرا] لما بصرنا وفهما لما فهمنا حتى لا نقصر فيما أمرنا ولا نتعدى إلى ما نهانا.
واعلم يا محمد أنك وإن كنت محتاجا إلى نصيبك من الدنيا إلا أنك إلى نصيبك من الآخرة أحوج، فإن عرض لك أمران أحدهما للآخرة والآخر للدنيا فابدأ بأمر الآخرة ولتعظم رغبتك في الخير ولتحسن فيه نيتك فإن الله عز وجل يعطي العبد على قدر نيته وإذا أحب الخير وأهله ولم يعمله كان إنشاء