وثانيهما إنه مما يظن تحريمه فالأولى الاحتراز عن أكله فيمكن أن يكون النهي عاما ومثل تلك الإجابة مكروها أو يكون خاصا بالولاة كما يشعر به قوله عليه السلام في كلامه لعاصم بن زياد حيث قال عليه السلام [له:] " إني لست كأنت إن الله افترض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره " وحينئذ يكون المخاطب بقوله عليه السلام: " ألا وإن إمامكم " وقوله " وأعينوني " هم الولاة فالنهي إما للتحريم أو للتنزيه ولا ينافي الأول. قوله: " ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك " فإن الظاهر إنه إشارة إلى الاكتفاء من الثوب بالطمرين ومن الطعم بالقرصين.
وعلى الثاني تكون الكراهة بالنظر إلى الولاة أشد.
ويحتمل أن يكون للأعم من الحرمة والكراهة ويكون لكل من الولاة وغيرهم حكمه فالخطاب عام.
ويمكن أن يستفاد من قوله عليه السلام " يستطاب لك الألوان " وجه آخر من النهي وهو المنع من إجابة دعوة المسرفين والمبذرين إما تحريما مع عموم الخطاب أو خصوصه ونظيره النهي للولاة عن أخذ الهدايا ولعله يشعر بذلك قوله: " يستطاب لك وتنقل إليك " أو تنزيها فيكون بالنظر إليهم أشد أو الأعم منهما كما ذكر.
والاحتمالات الأخيرة مبنية على انقسام الاسراف مطلقا إلى المحرم والمكروه.
والقضم: الاكل بأطراف الأسنان. والطمر بالكسر: الثوب الخلق.
والطمران: الإزار والرداء. والقرصان للغداء والعشاء.
وقوله عليه السلام: " بورع واجتهاد " الورع: اجتناب المحرمات.
والاجتهاد: أداء الواجبات أو الورع يشمل ترك المكروهات أيضا. والاجتهاد الاتيان بالسنن الأكيدة أيضا ويمكن أن يكون التنوين فيهما للتقليل أي بما تستطيعون منهما والإعانة على الشفاعة أو على إجراء الاحكام والآدب بين الناس